أصداء مازغان : حميد شعيبي
ليس هينا أن تبدأ صفحة جديدة دون أن تخزك بين الفينة والأخرى شوكة الحنين إلى الصفحة السابقة .
كان صعبا أن تبدأ السنة الدراسية لهذا الموسم الدراسي التي أصبح ديدنا فيها منذ سنوات أن تقص شريط البداية بلقاء حميمي ألفناه مع براعم صغيرة ترتسم على محياها في كل مرة قسمات براءة وتطلع فريد من نوعه…..كل سنة من السنوات الخوالي كانت حافلة بمشاعر متبادلة إلى أبعد الحدود فيها الحب غير المشروط،و الرضا غير المتناهي من الجانبين….
هل سهل أن توصد باب هذا الزخم من المشاعر الإنسانية وصدة دون رجعة؟! طبعا لا.
أتذكر آخر رسالة كتبها لي تلميذ على أثير العالم الأزرق،اختلس فيها لحظة من لحظات هاتف والده باعثا بقنبلة موقوتة من المشاعر الفياضة ذيلها بطابع ينم عن العرفان ” أنت أفضل أستاذ ….”. كل هذا قد نقر وتري نقرا اشتعلت من جرائه فرائصي مخيمة في القلب غيمة ملبدة من الشجن قد استفحلت أكثر و أكثر عندما غذيتها بسماع مقطوعة لخوليو اكليسياس”نوسطالجي”….جعلني كل ذلك أصاب بالحنين معيدا شريطا ،من الذكريات، دام ردحا من الزمن، منذ أن ولجت هذه المهنة الشريفة سنة 2002 …أجل مهنة شريفة تقلدتها بعزة وافتخار رغم قساوة الظروف، لكن ما كان يعزيني فيها هي تلك الأعناق المشرئبة التي تعتليها عيون يحدوها الأمل والتفاؤل، رغم شظف العيش، باستشراف مستقبل زاهر…
هل سهل أن تخلع قبعة المدرس مرة واحدة هكذا؟! طبعا لا.
يساور مسامعي وقع طبشورتي البيضاء وهي تنشر بياضها في غمرة سواد قاتم….وطنين يراعي الأحمر على الدفاتر والكراسات…وفجأة عاد كل شيء.
لست وحيدا في حنيني فقد لاحظت أن أغلب من كتبت عليه سنة التغيير يتلوى في مخاضه، تعتصره أحاسيس العودة إلى الوراء…..وإن كان اختيار التغيير بإراداتنا بحكم فطرة إنسانية جبلنا عليها فذلك لا يضير أن نتصبب شوقا و حنينا…
قد تفطن مكونو مسلك الإدارة للدهشة العارمة التي تغمر الأطر المتدربة، وأنا منهم، فهم لا زالوا لم يبارحوا بعد برزخهم الرمادي …اهتدى الأساتذة المكونون في إطار سياسة تكوينية جهوية وحتى وطنية أن الدخول مباشرة في التكوين على المجزوءات ليست ظاهرة صحية و لن تتم الاستساغة إلا بتوطئة عبارة عن أسبوع مفتوح للاستقبال والتواصل ؛ حتى يتأتى تذويب الجليد والتشجيع على الاستئناس بالوضع الجديد….
قد أضفى هذا الأسبوع نوعا من الأريحية بفضل فسيفسائه و تنوعه….
و قد توسم الجميع أن تكون هذه السنة التكوينية فارقة ومميزة ،ينهلون منها من معين الإدارة التربوية بما يزخر به المركز من أساتذة مكونين أكفاء ، بما يسعف في النجاح في المسار المهني الجديد…..
عسانا في ذلك أن نستل شيئا فشيئا شوكة الحنين.