أسعاروفوبيا
بقلم : عزيز لعويسي
ما بتنا نعيشه اليوم ، من موجة غير مسبوقة في الأسعار ، تجاوز بدون شك ، موجة البرد القارس التي حلت منذ أسابيع ، ضيفا ثقيلا على ساكنة الجبال والدواوير والقرى النائية ، وهذا المناخ الاجتماعي المقلق والحرج ، ساهم في تفشي مرض مجتمعي فتاك ، عنوانه العريض ” الأسعاروفوبيا ” ، تسلل في صمت، إلى البيوت ، وأدخـل الكثير من الأسر في حالة من الفوبيا ، تستدعي تدخلات استعجالية ، بعيدة عن “المسكنات” و”مساحيق التجميل” وبروتوكول “العام زين”.
مرض متعب ، لايحتاج إلى طبيب متخصص ، ولا إلى ممرض بارع ، لتشخيصه أولا ، وتقديم بروتوكول علاجه ثانيا ، فيكفي قولا ، أنه يصيب الفئات الاجتماعية ذات الدخل المتوسط والمحدود ، ويتفشى بين الفئات الاجتماعية التي تعيش على وقع الفقر والهشاشة والإقصاء ، يعبث بالأعصاب ويفتك بالحبال النفسية ، ويدفع نحو المزيــد من القلق واليأس والإحباط والاكتئاب ، ويقوي الإحساس الفردي والجماعي بانعدام الثقة في السياسة والسياسيين ، ويصيب صاحبه بنوبات فجائية ، في الأسواق الشعبية والأسبوعية ، أو في حالة التواجد الذي لا مفر منه أمام “القفة الفارغة”، أو أمام قنينة غاز نفذ غازها ، أو أمام طفل صغير تسلل الجوع إلى جسمه الصغير ، أو أمام “جيب” فارغ ، أو “رصيد بنكي بئيس” لا وحش فيه يسير ولا طير يطير…
إذا كانت الأعراض واضحة للعيان، وأسباب ومسببات “الفوبيا” لا تحتاج لأي “سكانير” للكشف عنها أمام الملأ ، فلا بديل اليوم ، سوى استشعار المخاطر والتداعيات المحتملة لهذا المرض الاجتماعي العضال الآخذ في التمدد والانتشار ، والانخراط المسؤول في وضع الخطط الممكنة ، القادرة على السيطرة والاحتــواء ، تفاديا للوقــوع في أية أزمة وبائية/اجتماعية يصعب احتواؤها والتحكم فيها ، ونرى حسب تقديرنا، أن العلاج ، يمر قطعا عبر التوصل إلى لقاح فعال وناجـع ، يكبح جماح الأسعار ، ويقطع مع الريع والجشــع والاحتكار ، ويرفــع من القدرة الشرائية للمواطنين ، ويزرع الثقة ويقـوي الإحساس بالأمل والتفاؤل، ويدعم دولة الحق والقانون والمؤسسات، ويدفــع في اتجاه تمتين أسس مجتمع المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية …وقبل هذا وذاك ، يمر عبر تنزيل سياسات عمومية ناجعة ومتبصرة ، قادرة على بلوغ السيادة على مستوى الغذاء والفلاحة والصناعة والسلاح والدواء ، والبيوتكنولوجيا والطاقة والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات الاستراتيجية.