الأرشيف المغربي في يومــه الوطني
بقلم : عزيز لعويسي
مؤسسة أرشيف المغرب ومنذ أن رأت النور غضون سنة 2011، أدرجت ضمن قائمة المؤسسات العمومية ذات الطابع الاستراتيجي، لاعتبارات موضوعية، مرتبطة بخصوصية وحساسية المؤسسة، كراعي رسمي للأرشيف العمومي، ما يقتضي أن تبقى بمعزل عن التجاذبات والحسابات السياسوية الضيقة، لما تضطلع به من وظائف تراثية وحداثية واستراتيجية؛
منح المؤسسة “صفة الاستراتيجية” كان وقتها حدثا تراثيا وأرشيفيا وسياسيا بارزا، عكس من “حيث الشكل”، إرادة دولة مدركة لماهية الأرشيف، ومقدرة لعمقه الاستراتيجي، وفي ظل هذا التحول الأرشيفي، كان منتظرا أن تستعجل الدولة، عملية بناء وتشييد مقر عصري جديد للمؤسسة الناشئة، يليق ليس فقط، بوضعها الاعتباري، وحجم ما تضطلع به من مهام وتدخلات، بل ويعكس مدى إرادة الدولة في المصالحة مع الأرشيف بعد عقود من “التيه الأرشيفي”، والاعتراف بقيمته التراثية والحداثية والاستراتيجية، كما كان منتظرا أن يكون “المقر المؤقت”، الذي خصص للمؤسسة بالخزانة العامة سابقا، مجرد “مرحلة انتقالية”، في انتظار بناء المقر الجديد؛
لكن “المؤقت” تحول إلى “دائم”، فرض على الأستاذ جامع بيضا، المدير الأسبق للمؤسسة، التكيف الاضطراري مع واقع سياسي وثقافي، لم تنفع معه إرادة ولا مطالبة ولا مرافعة ولا إلحــاح، بعدما عجزت حكومة العدالة والتنمية في صيغتها الأولى والثانية، والحكومة الحالية التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، عن تمكين المؤسسة من مقر عصري يليق بها وبوضعها الاستراتيجي، على الرغم من نجاح الإدارة السابقة في كسب رهان اقتناء وعاء عقاري ضواحي مدينة سلا، رفع أمامه “فيتو” عنوانه العريض “غياب الموارد المالية”؛
المقر الجديد تحول اليوم إلى ما يشبه الحلم الوردي، وقدر للمؤسسة أن تعيش ما يشبه “حالة اللجوء القسري”، داخل “مقر مؤقت”، بات جلبابا قصيرا، لم يعد البتة، قادرا على احتضان وإيواء مؤسسة عمومية، كبرت واشتد ساعدها، لما حققته من منجزات وفتوحات أرشيفية مبينة، جعلتها واحدة من أكثر المؤسسات العمومية جاذبية وإشعاعا، في ظل بنية سياسية وسوسيوثقافية، لازال فيها الأرشيف يعيش حالة مقلقة من الاغتراب وعدم الاعتراف؛
ما تعيشه المؤسسة من حيف وتقصير من جانب أصحاب القرار، يقوي الإحساس، أن إصدار أول قانون منظم للأرشيف بتاريخ 30 نونبر 2007، وإحداث مؤسسة راعية له، لم يكن إلا سحابة تراثية عابرة، في سياق تجربة الإنصاف والمصالحة، ولم يكن حسب تقديرنا، نتاج سيرورة سياسية وتاريخية وحقوقية، واستجابة لا محيد عنها لحاجيات تراثية وحداثية واستراتيجية، بدليل أن إدارة المؤسسة سواء السابقة أو الحالية، لا زالت، وبعد مرور ما يزيد عن 13 سنة، تتطلع إلى مقر عصري يحتضنها ويأويها، وهو ما يتناقض تماما مع صفة “الاستراتيجية” الممنوحة للمؤسسة؛
ويكفي في هذا الإطار، مقارنة أرشيف المغرب، مع عدد من المؤسسات والهيئات العمومية على مستوى البنيات والمرافق والإمكانيات المرصودة، ليتبين أن الأرشيف لم “يكن أولوية” ولن “يكون أولية” في العشرية القادمة على الأقل، إذا ما استحضرنا أن حجم ما تنفقه الدولة من ميزانيات ضخمة، لبناء وتطوير المركبات الرياضية والبنيات الطرقية والسككية وغيرها، استعدادا للاستحقاقات الرياضية القادمة، وعلى رأسها كأس العالم نسخة 2030؛
إكراه “المقر الغائب”، ما هو إلا تعبيرا عن واقع سياسي وسوسيوثقافي، لازال فيه الأرشيف، مجرد تلك الوثائق منتهية الصلاحية الإدارية، التي لا تصلح إلا للتخزين في مكاتب ومستودعات حفظ الأرشيف، ما لم نقل للإتلاف خارج الضوابط المؤطرة بموجب القانون المنظم للأرشيف ومرسومه التطبيقي، في ظل تواضع ثقافة الأرشيف، وضعف مؤشرات الوعي بالوثيقة الأرشيفية كتراث وحداثة؛
مطلب المقر الجديد، بات اليوم ضرورة ملحة لاعتبارين اثنين: أولهما: عدم قدرة المؤسسة على استلام “الأرشيفات النهائية” لمحدودية طاقتها التخزينية، ما يبقي على هذه الأرشيفات مكدسة على مستوى الإدارات والمؤسسات والجماعات الترابية المنتجة لها، في ظروف حفظ غير صحية، مما يعطل واحدة من المهام المنوطة بالمؤسسة، فيما يتعلق باستقبال الأرشيفات النهائية، وثانيهما: يرتبط بإمكانية تسلم المغرب لما يزيد عن مليونين ونصف من الوثائق والمستندات، حسب ما تم تداوله من قبل الإعلام الفرنسي، في سياق الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمغرب، وإذا ما ثبتت هذه المعلومة، يبقى السؤال: هل أرشيف المغرب بمقرها المؤقت الحالي، قادرة على استقبال واستيعاب هذا الكم الهائل من الوثائق الأرشيفية، وعلى إخضاعها لعمليات الجرد والمعالجة والتصنيف والحفظ والإتاحة والاستثمار، في ضوء ما تتوفر عليه من موارد بشرية محدودة لا تتجاوز الخميس مستخدما، أو ما يزيد عن ذلك بقليل؟
إذا كانت منهجية تعامل أصحاب القرار، مع أرشيف المغرب تتحكم فيها هواجس الربح والخسارة، بمبرر أن القطاع الأرشيفي يعد قطاعا غير منتج أو غير مربح على الأصح، ما يجعله لا يحظى بالأولوية، فهذا المنطق الماكرو اقتصادي يبقى مجانبا للصواب، من منطلق أن قطاع الأرشيف يبقى منتجا ومربحا بلغة الربح والخسارة، لاعتبارات كثيرة منها، لأنـه:
– يعكس تاريخ الأمة وتراثها المشترك، وبهذه الوظيفة التي لا تقدر بثمن، يمكن أن يكون الأرشيف رافعة للتنمية الثقافية والسياحية؛
– يقطع مع ثقافة الارتباك والعشوائية على مستوى التدبير السياسي والإداري…، ويتيح فرص المساءلة والمحاسبة، وهذا من شأنه كبح جماح عديمي المسؤولية، ويطوق المتربصين بالمـــال العام، ويساهم بالتالي، في محاربة الفساد، بكل ما يحمله من فاتورة اقتصادية وتنموية؛
– ضامن لاستمرارية الدولة، ومساهم حقيقي في الانتقال السلس للثقافات والعادات والأفكار والقيم وأنماط العيش، عبر الأجيـال، و داعم لما تتطلع إليه الدولة من ريادة وإشعاع؛
– أداة مساهمة في حماية المال العام وترشيده، إذا ما استحضرنا ما أتاحه القانون المنظم للأرشيف ومرسومه التطبيقي، من إمكانيات، لإتلاف الأرشيفات عديمة الفائدة، وفق الضوابط والمساطر القانونية، مما يساهم في التقليص من نفقات الإدارات في بعدها الأرشيفي، فيما يتعلق بتجهيز المستودعات أو اقتناء مستودعات جديدة ، أو توظيف أرشيفيين جدد؛
– وسيلة للدفاع عن الحقوق المشروعة للدولة، من منطلق أن الحق لا يمكن استرجاعه، إلا إذا حضرت الحجج والأسانيد التاريخية والسياسية والقانونية، التي لا تحضر إلا في الأرشيف ومع الأرشيف؛
– مساهم في تعزيز القيم الوطنية، وتكريس حب الانتماء للوطن، لما يحتضنه من إرث تاريخي جماعي وهوياتي مشترك؛
وفي ضوء ما تم استعراضه من أمثلة، يبدو جليا أن الأرشيف هو “رأسمال وطني” يستحق الاحترام والعناية، وتستحق مؤسسته التقدير والاعتبار، ولا يمكن البتة، قياسه بميزان الربح والخسارة، وفي هذا الإطار، لايمكن إلا أن نثمن ما تحقق ويتحقق من منجزات ومشاريع تنموية وإشعاعية، داعمة للمسيرة التنموية الشاملة التي يقودها عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأيده، لكن الصورة لن تكون إلا مبتورة، ما لم يتم جعل التراث بكل تمظهراته ومنه الأرشيف، في صلب التحول التنموي المأمول، وما لم يتم الرهان على بناء إنسان متشبع بالقيم الوطنية والدينية، معتز بتراثه وهويته وتاريخه المجيد، قــادر على صون المكتسبات والإسهام في صناعة الإنجازات؛
الأستاذ والمؤرخ جامع بيضا، المدير الأسبق لأرشيف المغرب، ختم ولايته بوضع استراتيجية جديدة للأرشيف، ستكــــون بدون شك، أولوية خلفه السيدة لطيفة مفتقر، وفي هذا الصدد، وبقدر ما نعلق الآمال على الاستراتيجية الجديدة، لتحقيق التحول الأرشيفي المأمول، بقدر ما تضيق أمامنا فسحة الأمل، في ظل ما تمت الإشارة إليه، من بنية سياسية وثقافية، مستعدة لهدم ملعب كامل وبناء ملعب جديد مكانه بمواصفات عالمية، وجاهزة لترميم وإصلاح ملاعب أخرى بالملايين من الدراهم، لكنها غير مستعدة وغير جاهزة، لتمكين مؤسسة عمومية استراتيجية من بناء مقر عصري يليق بها وبوضعها الاعتباري؛
بدون شك، فالأولوية اليوم، هي للرياضة والبنيات التحتية الرياضية والأشغال الكبرى استعدادا للاستحقاقات الكروية القادمة، والأرشيف قدره أن يبقى “لاجئا” إذا ما صح التوصيف، في جناح خاص بالخزانة العامة سابقا، وأن تتحمل إدارته ومستخدموه على قلتهم، وزر التحديات الأرشيفية الكبــــرى، التي أطلقت عنانها “الاستراتيجية الجديدة للأرشيف”، في انتظار رياح أرشيفية مرسلة، قد تأتي وقد لا تأتي؛
مؤسسة أرشيف التي تستعد للاحتفال باليوم الوطني للأرشيف ( 30 نونبـر 2024)، كان بإمكانها أن تبكي على الأطلال، لكنها لم تبك، وكان بإمكانها أن تكتفي بتدبيـر أمورها في ظل ضيق ذات اليد، لكنها لم تفعل، واختارت إذا ما صح التعبير، الإبداع والإمتاع في إطار الممكـــن والمتاح من الوسائل والإمكانيات، لما حققته طيلة 13 سنة، من مكاسب ومنجزات ، يمكن حصر عناوينها البــارزة فيما يلي:
حجم اتفاقيات الشراكة التي أبرمتها المؤسسة طيلة 13 سنة، مـع عدد من الفاعلين في مجال الأرشيف والتراث على المستوى الوطني والدولي؛
حجم الشراكات المبرمة مع عدد من المؤسسات الوطنية كالبرلمان والمكتب الشريف للفوسفاط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
إغناء الرصيد الوثائقي للمؤسسة بكم معتبـر من الوثائق والمستندات، الخاصة بشخصيات بارزة في عالم السياسة والفكر والثقافة والإعلام والفن والإبداع، من قبيل الوزير الأول الأسبق والقيادي الاشتراكي الراحل عبدالرحمان اليوسفي، وقيدوم البرلمانيين المغاربة والوزير الأسبق الراحل عبدالواحد الراضي، والعلامة محمد المختار السوسي، والكاتب والإعلامي والوزير الأسبق محمد العربي المساري…
إعطاء دينامية للحياة الثقافية الوطنية، سواء عبـر ما نظمته من معارض وندوات علمية، لامست قضايا التاريخ والأرشيف والتراث، أو لإسهامها في فعاليات المعرض الدولي للكتاب ، أو الحضور الوازن لمديرها الأسبق في الساحة الإعلامية الوطنية…
فتح الأرشيف على حقل التربية والتكوين، من خلال إبرام اتفاقية شراكة وتعاون بين المؤسسة، والمديرية الإقليمية للتعليم بالمحمدية، تعد الأولى من نوعها على الصعيد الوطني، واتفاقية مماثلة مع المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الفرع الإقليمي بالقنيطرة؛
استكمال بناء صرح النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالأرشيف العمومي؛
وضع اليد على عدد من الأرشيفات النوعية، ومنها “أرشيف هيئة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي”، و “أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة “؛
إغناء الرصيد الوثائقي للمؤسسة بعدد من الأرشيفـات، بعضها داعم للذاكــرة اليهودية المغربيـة؛
رهانها على مواكبة ومسايرة التوجهات الاستراتيجية للدولــة، عبر تنظيم أنشطة ثقافية ومعارض خاصة بالصـور والوثائق، كالمعرض الموثق للعلاقات المغربية السعوديـة، وإصدار عدد خاص من مجلة أرشيف المغرب حول علاقات المغرب بعمقه الإفريقي…
خدمة ثقافة الاعتراف والاعتبار، عبر تشجيع وتحفيـز واهبي الأرشيف وأصدقائـه ؛
منجزات من ضمن أخرى، تحتسب للمدير الأسبــق الأستاذ جامع بيضا، ومن رافقه طيلة إدارته للمؤسســة، من أطر ومستخدمين، نجحوا عن جدارة واستحقــاق، في تحويل مؤسسة حديثة ناشئة، إلى واحــدة من المؤسسات العمومية الأكثـر نشاطا وعملا وإنتاجـا وإشعاعا، رغم ضعف الإمكانيات والوسائل المتاحة؛
اليوم الوطني للأرشيف المرتقب يوم الثلاثين من شهر نونبر الجاري، سيكــون منعطفا مفصليا في تاريخ المؤسسة وذاكرتها، فاصلا بين زمنين مترابطين ومتفاعلين، زمن أول ، وقعت سطوره بقلم الأستاذ جامع بيضا، مهندس المؤسسة وواضع حجرها الأســاس وباني قواعدها ودعاماتها البارزة، وأبها الروحي، وزمن ثان، يؤســـس لعهد جديد، بتحديات ورهانات جديدة قديمة، سيحمل بصمات المديرة الجديدة، السيدة لطيفة مفتقـر، التي ستحمل مشعل الأرشيـــف العمومي، في قادم السنوات، وحسب تقديرنا، لـــن تكون المديرة الجديدة، إلا سعيدة وفخورة بتركة خلفها الأستاذ جامع بيضا، الذي أكمل “مارطون الأرشيف” بمشقة وتضحية وطول تحمل وكفــاح، لكن بتميز وريادة ونجاح، وبــدون شك، ستكون في مستوى ما تنتظره المؤسسة من رهانات متعددة الزوايــا، وفي طليعتها، رهان تمكين المؤسسة من مقر عصري يليق بها وبقيمتها ومهامها، كمؤسسة عمومية ذات طابع استراتيجي، وهذا الرهان طالما حارب من أجله الأستاذ جامع بيضا، في عدة جبهــات، لكنه وجد أمامه، بنية سياسية وسوسيوثقافية، لازال الأرشيف يبحث داخلها، عن شهادة الاعتراف والاعتبار؛
ونأمل مرة أخرى، أن تكون السيدة لطيفة مفتقـر، خير خلف لخير سلف، وأن تواصل المؤسسة تحت إداراتها، تحقيق المزيـد من المكاسب والمنجزات، واقتحام خلوة الكثير من الأرشيفات الخاصة المنيعة، وفي المجمل، فإذا غاب “جامع”، فقد حضرت “لطيفة”، ولا ندري من سيواصل حمل المشعل في قادم السنوات، والمهم، أن تحظى “أرشيف المغرب”، بخيـرة من الخبرات والكفاءات، قـادرة على إحداث الثورة الأرشيفية المأمولة، على غرار الأستاذ والمؤرخ جامع بيضا، متعه الله بموفـور الصحة والعافية؛
يذكر، أن السيدة لطيفة مفتقر، المديرة الجديدة لأرشيف المغرب، هي حاصلة على دبلوم الدراسات العليا، من المعهد الوطني للتهيئـة والتعمير بالرباط، وشهادة ماستر تخصص الإدارة العامة، من المعهد العالي للتجارة والتسييــر وإدارة المقاولات، وتتوفر على تجربة مهنية محترمة في قطاع الثقافة، حيث شغلت في هذا الإطار، منذ 2019، منصب مديرة الكتاب والخزانات والمحفوظات، بقطــاع الثقافة بوزارة الشباب و الثقافة والتواصل، إلى حين نيلها شـرف التعيين على رأس أرشيف المغرب، كما سبق أن شغلت منصب المديرة الجهوية للثقافة، بجهة الرباط سلا القنيطرة، وقبلها شغلت منصب رئيسة قسم التعاون الدولي بقطاع الثقافة، بعد أن شغلت في بداية مسارها المهني، مهمة رئيسـة مصلحة التعاون الدولي بذات القسم، ولا يمكن إلا أن نتمنى لها النجاح والسداد في مهمتها الجديدة، لما فيه خدمة للأرشيف العمومي وثقافته، ونقدم موازاة مع ذلك، خالص الشكر والامتنان، لسلفها الأستاذ جامع بيضا، لما قدمه من خدمة للمسألة الأرشيفية العمومية، وسيذكره التاريخ كثيرا، باعتباره أول مدير للأرشيف العمومي؛
ونختم المقال، بالتأكيد أن المؤسسة في ظل الإدارة السابقة، ما كان لها أن تحقق رهانات التميز والريادة والإشعاع، لولا ما تزخــر به من أطر ومستخدمين، يحفظون التاريخ والهوية ويحمون الذاكرة الجماعية، وبهذه المهام المواطنة الجليلة، يستحقــون ليس فقط الاحترام والتقدير، على ما يضطلعون به من مهمات من أجل الوطـــن، بل والعناية بأوضاعهم المادية والاجتماعية والصحية والتحفيزية، وهذا ليس بعزيـــز، على من هم جنود الهوية وعيون الذاكرة التي لا تنـــام.