البطالة في المغرب : مهارة جديدة في فن الصبر ! بقلم : محمد أمين سملالي

admin5 مارس 2025آخر تحديث :
البطالة في المغرب : مهارة جديدة في فن الصبر ! بقلم : محمد أمين سملالي

البطالة في المغرب :

مهارة جديدة في فن الصبر!

بقلم : محمد أمين سملالي

على مائدة الإفطار، أتيحت لي فرصة مناقشة شاب من أفراد العائلة أنهى دراسته الجامعية حديثا.
سألته عن أخباره، فأجابني ضاحكًا: “كل يوم أفتح حاسوبي، أرسل عشرات طلبات الشغل، ثم أذهب إلى المقهى لألتحق بفريق المنتظرين!”.

المشكلة أن هذا الجواب لا ينتمي إلى قاموس المزاح، بل اصبح هو الواقع اليومي لآلاف الشباب المغاربة الذين احترفوا فن .

“ البحث المستمر عن اللاشيء ”.

وأبطال في رياضة إرسال السير الذاتية إلى الفضاء الإلكتروني….

وبعد تأمل في هذا الواقع المؤلم، يبدو لي أن الحكومة وجدت الحل أخيرا!

فقد قرر مسؤولونا السامون تعليق ضعف فرص التشغيل على… نزول المطر!

وزارة طلب الغيث: عندما يصبح التشغيل مرتبطًا بالمناخ

نعم، بدلًا من وضع خطط اقتصادية و برامج تشغيل حقيقية ، صار على شبابنا انتظار الغيث حتى تهطل معه فرص العمل.

قد يكون الحل القادم هو احداث “وزارة طلب الغيث”، حيث يجتمع الوزراء في صلاة الاستسقاء بدل البحث عن سياسات فعالة!

و يبدو أن فكرة “وزارة طلب الغيث” أصبحت أمرا واقعا، حيث لم يعد حل معضلة البطالة والتشغيل مرتبطا بالسياسات الاقتصادية، بل صار مجرد انتظار لرحمة السماء!

“الغيث الغيت الزاوية، تصبح الدنيا راوية”

وكأن الحلول ستأتي من دعاء الجماعة شيبا و شبابا أكثر مما هو تخطيط و بلورة استراتيجيات.

في هذه الحالة، ربما علينا الاستعداد لمرحلة جديدة من السياسات العمومية، حيث يصبح الاستمطار استراتيجية وطنية، والوزراء يتخصصون في قراءة أدعية الرزق بدل إعداد برامج اقتصادية حقيقية!

كل هذا في انسجام وتناغم مع وفق صرحت به مؤخرا الحكومة من خلال رئيسها ومن خلال مذكرتها حول التشغيل، وكأن تشغيل الشباب بات ينتظر نزول الغيث أكثر مما ينتظر سياسات تنموية حقيقية.

البطالة بالأرقام: الواقع كما هو….

بما أن الأرقام لا تكذب، فلنلق نظرة على بعض الإحصائيات:

• 36.7% من الشباب (بين 15 و24 سنة) بدون عمل.

• 19.4% من النساء يعشن نفس المعاناة.

• الآلاف من حاملي الشهادات الجامعية يكتشفون أن شهاداتهم تصلح فقط كديكور على الحائط.

لكن بدل تقديم حلول، تواصل الحكومة ممارسة فنّ “التبرير الاستراتيجي”، بإلقاء اللوم على المناخ، وكأن سوق العمل في المغرب بات مرتبطًا بالنشرة الجوية!

من البحث عن شغل… إلى إتقان فنّ الانتظار!

في بلدي المغرب، لم نعد نؤهل الشباب لسوق الشغل، بل أصبحنا نؤهلهم لإتقان الصبر. فالمهارات الأكثر طلبًا اليوم هي:

• إرسال مئات طلبات العمل دون تلقي أي رد.

• تحليل إعلانات التشغيل وكأنها شبكة كلمات متقاطعة أو حل ألغاز معقدة.

• ممارسة لعبة “قتل الوقت” في المقاهي، بين مشاهدة مباريات الكرة والبرامج التلفزيونية التافهة ومناقشة الأسعار التي لم تعد تتوقف عن الارتفاع.

ربما حان الوقت لإطلاق برامج تدريبية في “التعامل مع البطالة بفعالية”، تشمل ورشات تكوينية في التفاؤل الزائد، وكيفية الإجابة على أسئلة مثل “واش كاين شي جديد؟” دون أن تبدو محبطاً.

تحقيق المساواة بين الجنسين في الفراغ!

نحب أن نتفاخر بتحقيق المساواة بين الجنسين، لكن في مجال البطالة، يبدو أننا نجحنا بامتياز حقًا!

فمع ارتفاع معدل البطالة بين النساء إلى 19.4%، أصبحت الفرص متكافئة بين الجنسين في الانتظار والتهميش….

وعليه فقد أصبح من اللازم على الحكومة إطلاق “برنامج دعم النساء المنتظرات”

على الأقل سيكون هناك اعتراف رسمي بأن الصبر أصبح مهارة معترف بها !

الصمت الحكومي : الحل السحري لكل الأزمات

كلما ارتفعت معدلات البطالة، كانت الإجابة الرسمية هي نفسها:

“الأمور ستتحسن قريباً ”.

وهو نفس “القريباً” الذي نسمعه منذ سنوات، حتى صار الشباب يتساءلون: “قريباً… بمقياس مسافة البعد عن أي كوكب؟”.

وحتى لا نضيع فرصة أخرى، ربما علينا اقتراح:

“جائزة أنجح عاطل في المغرب”
تمنح لمن استطاع الصمود أطول فترة ممكنة بدون عمل، مع وسام شرفي تقديرا لمثابرته في الانتظار!

البطالة: مشروع مستدام بامتياز

لم تعد البطالة في المغرب في نهاية الأمر مجرد أزمة اقتصادية، بل أصبحت نمط حياة.

وبدل البحث عن حلول، يبدو أننا اخترنا التكيف مع الوضع، وترك مصير التشغيل في يد السماء.

لكن إن استمر التضخم في الارتفاع، فقد نصل إلى زمن تصبح فيه البطالة رفاهية لا يقدر عليها الجميع، لأن حتى الفراغ سيصبح مكلفا !

خلاصة القول ونصيحتي للشاب :

إذا كنتَ عاطلًا عن العمل ، فلا تقلق كثيرًا. فعندنا ، أصبح انتظار التشغيل هو الشغل ذاته !

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة