الجديدة.. بين ذاكرة الماء والتاريخ وإكراهات الإهمال والتطوير

admin11 مارس 2025آخر تحديث :
الجديدة.. بين ذاكرة الماء والتاريخ وإكراهات الإهمال والتطوير

أصداء مازغان : محمد أمين السملالي 

في قلب الجديدة، حيث يلتقي التاريخ بسحر الأطلسي، تقف المسقاة البرتغالية كشاهد على أمجاد الماضي، لكن هذا الصرح الفريد، المصنف ضمن التراث الإنساني لليونسكو، لم يسلم من الإهمال الذي يطال معالم المدينة.

وكأن سياسة “ الإغلاق ثم النسيان” أصبحت القاعدة بدل أن يكون الحفاظ على التراث وتطوير البنية السياحية أولوية.

المفارقة  ؟

يحدث هذا في وقت وجب فيه ان تستعد مدينة الجديدة بحكم انها من المدن القريبة من محيط مدينة الدارالبيضاء التي ستستقبل مجموعة من التظاهرات الدولية الرياضية من قبيل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030، اذ أنها من المفترض أن تستضيف بعض المنتخبات والجماهير.

فهل قدر الجديدة أن تفرط في كنوزها التاريخية والسياحية بدل استثمارها لتعزيز مكانتها الدولية؟

معالم تحت رحمة الإغلاق !

المسقاة البرتغالية.. جوهرة منسية !

تعتبر المسقاة البرتغالية من أبرز المعالم الأثرية في المغرب، حيث يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر عندما أنشأها البرتغاليون كخزان مائي داخل القلعة البرتغالية، قبل أن تُكتشف بالصدفة سنة 1916.

تحولت بعد ذلك إلى نقطة جذب سياحي بفضل سحرها المعماري المميز، المتمثل في أعمدتها الضخمة، و اروقتها الفريدة، وانعكاس الضوء الأخاذ على مياهها الهادئة.

لكن ، ومنذ جائحة كورونا، أُغلقت المسقاة بحجة “أشغال الصيانة” دون تحديد موعد لإعادة فتحها، رغم أن عمليات الترميم في الماضي لم تكن تعيق استقبال الزوار.

فلماذا الآن، وفي وقت تحتاج فيه المدينة لكل معالمها السياحية، يتم إغلاقها دون أي بديل واضح ؟

المسقاة ليست الوحيدة، فالحي البرتغالي بأكمله، بكل ما يزخر به من تاريخ، يحتاج إلى خطة إنقاذ شاملة و اعادة هيكلة لكل مرافقه و معالمه لتجعل منه قطبا سياحيا حقيقيا بدل أن يبقى مجرد أطلال تاريخية مهددة بالاندثار!

المخيم الدولي.. من صرح سياحي إلى أرض مهجورة !

إذا كانت المسقاة البرتغالية تمثل الذاكرة التاريخية للجديدة، فإن المخيم الدولي (Camping Caravaning International d’El Jadida) كان من أبرز معالمها السياحية الحديثة.

لعقود، كان هذا المخيم وجهة لعشاق التخييم والسياحة البيئية، مستقطبا قوافل من السياح المحليين والأوروبيين الذين اعتادوا قضاء مجموعة من فصول السنة في رحابه.

لكن، وكما حدث مع المسقاة، تم إغلاق المخيم منذ حوالي خمس سنوات، ليصبح مجرد أرض خلاء بدل أن يتم تطويره وتحويله إلى “مخيم سياحي دولي من الجيل الجديد” كما وعدنا سابقا.

والنتيجة ؟

• عربات التخييم التي كانت تستوطن بفضاء المخيم أصبحت تبحث عن مأوى على أطراف شاطئ البحر و بجنبات الطرقات و بعض شوارع المدينة.

•فقدت الجديدة جزءا من جاذبيتها السياحية، مما جعلها خارج خريطة السياحة التنافسية.

فهل سيتم إحياء المخيم الدولي ليعود إلى سابق عهده بهيكلة جديدة ومرافق حديثة تراعي شروط و معايير الخدمات السياحية المطلوبة في هذا الصنف من المرافق السياحية خصوصا بعد ان تم الاعلان مؤخرا على رسو صفقة تدبير وتسيير المخيم الدولي على مستثمر جديد ؟

أم أن الأمر مجرد تمهيد لصفقة استثمارية غامضة؟

مدينة تحت الأضواء.. فهل من استعداد ؟

الغريب أن الجديدة ستكون إحدى المدن المحورية المحيطة بالمدينة الدارالبيضاء التي ستسضيف كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وهو ما يجعل تأهيل بنيتها السياحية ضرورة ملحة. ومع ذلك، نجد معالمها إما مغلقة أو متروكة للإهمال بدل أن تكون جزءا من خطة استثمار ذكية تعزز مكانتها كوجهة سياحية بارزة.

فهل هناك إرادة حقيقية لإنقاذ المسقاة البرتغالية و اعادة الاعتبار للحي البرتغالي، والمخيم الدولي، والمعالم الأخرى ؟

أم أن الجديدة ستظل مجرد محطة عبور في خريطة السياحة الوطنية ؟

هل تستيقظ الجديدة قبل فوات الأوان ؟

الجديدة ليست مجرد مدينة ساحلية، بل هي كنز تاريخي وسياحي يحتاج إلى رؤية استراتيجية واضحة.

ومع كل يوم يمر دون إعادة فتح المسقاة البرتغالية و تثمين مرافق الحي البرتغالي وتطوير المخيم الدولي، تخسر المدينة فرصة ذهبية لاستعادة بريقها.

فهل نرى قرارات حاسمة لإنقاذ هذه المعالم قبل أن تبتلعها دوامة الإهمال ؟

أم أن “الإغلاق حتى إشعار آخر” سيظل العنوان الأبرز لتدبير السياحة و المآثر التاريخية بالمدينة ؟

آه يا جديدة، حتى ذاكرة الماء لم تسلم من العطش.. فكيف للسياحة أن تزدهر ؟!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة