المغرب وأكذوبة البلد الفلاحي ووهم الرخاء المعيشي ! بقلم : حسن فاتح

admin13 فبراير 2023آخر تحديث :
المغرب وأكذوبة البلد الفلاحي ووهم الرخاء المعيشي ! بقلم : حسن فاتح

المغرب وأكذوبة البلد الفلاحي ووهم الرخاء المعيشي !
بقلم : حسن فاتح

هل المغرب يحقق اكتفاءه الذاتي من الأمن الغذائي ؟ هل المغرب دولة ذات سياسة وسيادة فلاحية؟ هل يستحق المغرب تصنيفه الأول افريقيا في جودة الحياة ؟ لماذا تنازلت الدولة عن دعم وتأطير الفلاحة المعاشية؟ لماذا أعطت الأولوية لسياسة التصدير دون الاكتفاء الذاتي؟ لماذا يقتني المواطن المغربي خضرواته بأثمنة مرتفعة؟ لماذا المواد الفلاحية غالية في بلد منتج للأسمدة ؟
هذه ثلة من الأسئلة التي توجع رأس كل مغربي مثقف أوسياسي أو نقابي ، بدون التوصل إلى جواب شافي ومقنع ، لكن يبقى الشخص الذي لا تهمه الإجابات بقدر ما تهمه الأسعار والقدرة المعيشية ، هو ذلك المواطن البسيط الذي يحمل يوميا قفته ، ويقصد سوق المدينة أو القرية ، من أجل اقتناء حاجياته اليومية من الخضراوات ، وشيء من اللحوم الحمراء ، دون التفكير في شراء الفواكه .
لقد تضاعف ثمن القفة الآن بخمس أضعاف مما كانت عليه بالأمس القريب ، فحاجيات أسرة مكونة من 4 أفراد فقط ، من الخضر واللحوم ، لم تكن تتجاوز 150 درهم في الأسبوع الواحد ، أما الآن فلم يعد يكفي هذا المبلغ حتى لسد الحد الأدنى من الحاجيات الضرورية للخضر ، القفة تضاعفت صوائرها ، بعد الزيادات المتتالية في الأسعار ، والأسرة المغربية ذات الدخل المحدود والثابت في 5500 درهم ، أصبحت تلبي حاجياتها بصعوبة ، فما بالك بالأسر الضعيفة أو منعدمة الدخل .
رغم أن أسباب الزيادات الصاروخية كثيرة ومتعددة ، كنقص الموارد المائية وارتفاع أسعار المحروقات وزيادة تكاليف الانتاج ، إلا أن أهم العوامل المتسببة في غلاء الخضر بالمغرب هو توجه الدولة للتصدير ، والمضاربة الفلاحية الجشعة التي يمارسها منعدمي الضمير.
بعيدا عن الشعارات السياسية المخادعة ، والبروباغندا الحكومية المضحكة ، والمخططات الخضراء الفاشلة ، فإن واقع المواطن المغربي يفند كل تلك الادعاءات المغلطة والمغرضة ، لأن كل الظواهر تدل على أننا بعيدون جدا عن مؤشر الرخاء وجودة الحياة ، كما أن ذلك يفضح سياسات الدولة المبنية فقط على تحقيق أهداف اقتصادية ودبلوماسية ، وغير مكترثة أبدا بالسياسة الاجتماعية المعيشية للمواطنين .
إذا كان المغرب دولة فلاحية بامتياز كما يدعون ، وكما درسوه لنا في الكتب المدرسية ، فلماذا إذن يستورد حاجياته الأولية من الفلاحة ، كالحبوب والقطاني والسكر والأرز وخلافه ؟
يبدو أن الفلاحة المغربية غيرت من مسارها وأهدافها ، وأصبحت قطاعا يسيطر عليه الأثرياء في الغالب ، بعدما تمكنوا من أجود أراضي الدولة ، وأعادوا استثمارها في منتوجات فلاحية دخيلة ، مع الاستفادة من دعم الدولة ماليا ، كالإعفاء من الضرائب ودعم السقي بالتنقيط ، وذلك من أجل إنتاج الفواكه المدارية الموجهة للتصدير ، كالافوكا والباباي والكاكي والكيوي ، منتوجات لا تسمن ولا تغني المواطن المغربي في شيء ، سوى أنها استنزفت الفرشات الباطنية المائية كثيرا ، وجففت منابع العديد من الآبار ، ولم يعد يجد سكان القرى الفقيرة ما يروون به عطشهم ، أو يوردون به بهائمهم العجفاء ، لينضاف العطش على القحط والجفاف وقلة ذات اليد .
حولت سياسة التصدير المغرب الى وعاء فلاحي للدول الأوروبية والإفريقية، ينتج لها ما تحتاجه أو ما يتوحم عليه الآخرون، ليصبح شبيها بالمرأة التي تؤجر رحمها، من أجل إنجاب أبناء لنساء عجائز وعواقر.
أين نحن من سياسة بناء السدود وسقي المليون هكتار وبرنامج الأمن الغذائي، التي ملأت دراساتها وأبحاثها وتصاميمها أرشيف الإدارات والوزارات المغربية، وعجت بها رفوف خزانات الجامعات.
هنا يجب أن نعترف، بأننا لا يجب أن نفرح بالعيش في دولة ما زالت تعتمد على الظروف المناخية وصلوات الاستسقاء وقارئات الفنجان، من أجل إنجاح وضمان موسمها الفلاحي.
فالمغرب يستورد أكثر من ثلثي حاجياته من القمح، مع العلم أنه يتوفر على أكثر من 75% من الأراضي ذات جودة فلاحية ممتازة، ومساحة أراضيه الصالحة للزراعة تصل إلى أكثر من 8 مليون هكتار.
لقد أفشلت المشاريع الانتهازية لبعض الوزراء، سياسة الدولة الفلاحية، وأفقدتها السيطرة على هذا القطاع، بعد ما هيمن على أراضيها الأثرياء والأعيان وضباط الجيش، وتم التخلي عن أراضي الشركات الفلاحية الوطنية كالصوديا والصوجيطا، وتم تحويل المصالح الفلاحية إلى مكاتب إدارية عقيمة.
بعد هذه الأزمة الخانقة والحارقة، على الدولة أن تغير من سياساتها في القطاع الفلاحي قبل فوات الأوان، ويجب أن تعطي الأهمية لبعض الأولويات، كزراعة الحبوب والقطاني والأعلاف، وضمان المواد الأولية لصناعة الخبز، وزراعة عباد الشمس لانتاج زيت المائدة، وزراعة الشمندر من أجل السكر، وإحياء زراعة الأرز في منطقة الغرب، والتكثيف من علف الحيوانات الداجنة المنتجة للحليب واللحوم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة