تراث “عبدالواحد الراضي” يستقر في حضن “أرشيف المغرب”
بقلم : عزيز لعويسي
على غرار الراحل عبدالرحمان اليوسفي ، الذي ترك وصية قبل رحيله، ائتمن بموجبها مؤسسة أرشيف المغرب على تراثه الوثائقي، ارتأى عبدالواحد الراضي، أحد القادة البارزين الذين طبعوا تاريخ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأحد رموز الذاكرة السياسية والبرلمانية والنضالية الوطنية، المؤسسة الأرشيفية، على أرشيفاته الخاصة، التي لن تكـــون إلا أرشيفات، داعمة للتراث الأرشيفي الوطني، بالنظر إلى قيمة الرجل، اعتبـارا لمساره السياسي والنضالي والمهني والجمعوي اللافت للنظر، الذي يجعل منه “شاهد عصر” و”مرآة عاكسة” لمغرب الحماية ومغرب الاستقلال. ومن المرتقب، أن تنظم أرشيف المغرب، حفل التسليم، في مطلع شهر يونيو المقبل، بالتزامن مـع الأسبوع العالمي للأرشيف، حسب بلاغ صحفي للمؤسسة الأرشيفية؛
ونرى أن هذا “الفتح الأرشيفي المبين” إذا ما جاز التوصيف، لم يكن ليتحقق على أرض الواقع، لولا المجهود الذي بذلته مؤسسة أرشيف المغرب في شخص مديرها الدكتور جامع بيضا، في سبيل الوصول إلى هذا الأرشيف النوعي، العاكس لجوانب مهمة من الذاكرة السياسية والنضالية والبرلمانية الوطنية، ولا يمكن إلا أن نكون سعداء بهذا الفتح الأرشيفي، بعدما كنا سباقين، إلى توجيه البوصلة نحو “أرشيفات عبدالواحد الراضي”، من خلال مقال حول عنــوان “أرشيفات عبدالواحد الراضي .. تراث وطني”، نشر بعدد من الجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية، خلال شهر يوليوز من سنة 2021؛
مقال تم نشره عقب حفل توقيـع عقد الهبـة المقدمة من قبل أسـرة الراحل “عبدالرحمان اليوسفي” إلى “مؤسسة أرشيف المغرب” و”المؤسسة الوطنية للمتاحف”، يوم الاثنين 19 يوليوز 2021 بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط، بحضـور – فضلا عن السيدة “هيلين اليوسفي” أرملة الراحل – ثلة من الوجـوه والشخصيات السياسية والثقافية والحزبية والحقوقية، منها المستشار الملكي أندري أزولاي، عثمان الفردوس، وزيــر الثقافة والشباب والرياضة الأسبق، محمد بن عبدالقادر، وزيــر العدل الأسبق، جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب، مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير، أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورفيقا درب الفقيد عبدالرحمان اليوسفي كل من مبارك عباس بودرقة (منفذ الوصية) والمحامي والحقوقي محمد الصديقي، إضافـة إلى حضور ادريس جطو، الوزير الأول الأسبق، ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول الأسبق للحزب وقيدوم البرلمانيين المغاربة، عبدالواحد بنصر، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثــار والتراث، عبدالعزيز الإدريسي، مدير معهد محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وأطر منتمية لأرشيف المغرب والمؤسسة الوطنية للمتاحف، فضلا عن شخصيات أخرى تنتمي إلى عالم السياسة والثقافة والتاريخ والتراث والفن؛
الدكتور جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب، تناول كلمة بذات المناسبة، من بين ما ورد فيها : “إنهـا لحظة تسجل بمداد الفخر والاعتزاز في سجل مؤسسة أرشيف المغرب، ولا يساورنا شك في كون مبادرة المرحوم اليوسفي ستشكل مثالا يقتدى من لدن شخصيات وطنية أخرى تحتفظ بأرشيفات ذات النفع العام. فأرشيفات الخواص بمثابة روافد تغدي نــهـر الذاكرة الجماعية، وبالتالي تاريخ المغرب والمغاربة”.، وهذه الكلمة، جاءت حاملة لرسالة مفتوحة موجهة إلى بعض الوجوه السياسية الحاضرة من أمثال “أندري أزولاي” مستشار جلالة الملك، و”ادريس جطو”، الوزير الأول الأسبق، و خاصة “عبدالواحد الراضي”، الوزير والكاتب الأول الأسبق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقيدوم البرلمانيين المغاربة.
وبالتأكيد وصلت الرسالة إلى “سي عبدالواحد الراضي” وعائلته، فأبى أطال الله في عمـره، إلا أن يحدو حدو رفيقه في الكفاح والنضال “سي عبدالرحمان اليوسفي” رحمه الله، وهو يأتمن مؤسسة أرشيف المغرب، على ما راكمه طيلة مساره المهني والسياسي والنضالي والبرلماني والجمعوي، من وثائق أرشيفية، وهذه الخطـوة المسؤولة بقدر ما تكرس الثقة في مؤسسة وطنية بقيمة ووزن أرشيف المغرب، بقدر ما تعكس ممارسة مواطنة، من جانب “سي عبدالواحد” وعائلته، خادمة للتراث الأرشيفي الوطني وداعمة له؛
ما أقدم عليه “عبدالواحد الراضي” وقبله “سي عبدالرحمان اليوسفي”، على غرار مجموعة من رجالات الفكر والثقافة والسياسة، الذين ائتمنوا أرشيف المغرب، على وثائقهم الأرشيفية، بقدر ما سيصون ذاكرة الرجل ويحفظ تراثه الأرشيفي، وييسر سبل الاطلاع عليه في إطار الحق في المعلومة، بقدر ما هو رسالة مفتوحة موجهة لعــدد من رجالات الفكر والثقافة والسياسة والعلوم والفنون والإبداع، ممن يتوفرون على أرشيفات خاصة، ذات فائدة ونفع عام، وهؤلاء ومن باب المواطنة، ومن بوابة المسؤولية الفردية والجماعية في صون وإثراء التراث الأرشيفي الوطني، من الواجب أن يربطوا جسورا تواصلية مع المؤسسة الراعية للأرشيف العمومي، لائتمانها على ما يتحوزون به من أرشيفات خاصة، وأية خطوة، أو مبادرة في هذا الاتجاه من جانبهم، لن تكون إلا خطوة من أجل الوطن ومبادرة لفائدة التاريخ والهوية والذاكرة.
ولا يمكن أن نختم المقال، إلا بتوجيه عبارات الشكر والامتنان، للأستاذ “عبدالواحد الراضي” أطال الله في عمره، على أن تفضل بوطنية صادقة، ومسؤولية وتقدير وبعد نظر، على وضع تراثه الأرشيفي تحت عهدة “أرشيف المغرب”، ومن خلاله نترحم على الراحل “عبدالرحمان اليوسفي” الذي يسجل له التاريخ، أنه أخلص للوطن في حياته وأخلص للوطن قبيل وفاته، وهو يهدي للوطن ولأبناء الوطن، ما راكمه طيلة مساره السياسي والنضالي والحقوقي اللافت للنظر، من وثائق ومستندات وإرث مادي، سيحفظ على التوالي بمؤسسة أرشيف المغرب، والمؤسسة الوطنية لمتاحف المغرب، على أن تتحول شقته السكنية إلى متحف مفتوح بعد وفاة زوجته هيلين، وحتى لا نكون مقصرين، نوجه ذات الشكر وذات الامتنان، لكل السياسيين والمفكرين والمثقفين والفنانين والمبدعين، الذين لم يترددوا في وضع ما بحوزتهم من أرشيفات تحت عهدة أرشيف المغرب، إسهاما منهم في خدمة تراث الأمة وتاريخها وذاكراتها، أما المترددين منهم أو المتقاعسين أو الممتنعين، فلهم في خطـوة “سي عبد الواحد” أطال الله في عمره، عبرة، وفي مباردة “سي عبدالرحمان” رحمه الله، رسالة ما بعدها رسالة؛
وكما وجهنا البوصلة قبل أشهر نحو “عبدالواحد الراضي” وقبله نحو الراحل “عبدالرحمان اليوسفي”، نوجه ذات البوصلة، هذه المرة نحو معلمة أخرى من معالم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأحد رموز الذاكرة السياسية والنضالية والبرلمانية الوطنية، ويتعلق الأمر بالأستاذ “لحبيب المالكي”، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي نأمل أن تجنح سفينة أرشيفاته الخاصة نحو “أرشيف المغرب”، على غرار ما أقدم عليه “سي عبدالواحد” وقبله “سي عبدالرحمان”، دون إغفال بعض الشخصيات البارزة، التي حضرت حفل توقيـع عقد الهبـة المقدمة من قبل أسـرة الراحل “عبدالرحمان اليوسفي” إلى “مؤسسة أرشيف المغرب” و”المؤسسة الوطنية للمتاحف”، ومنها المستشار الملكي “أندري أزولاي” والوزير الأول الأسبق، إدريس جطو” وآخرين…