حراس بشهادات.. ومسؤولون بلا كفاءة ! بقلم : محمد أمين سملالي

admin20 مارس 2025آخر تحديث :
حراس بشهادات.. ومسؤولون بلا كفاءة ! بقلم : محمد أمين سملالي

حراس بشهادات.. ومسؤولون بلا كفاءة !

بقلم : محمد أمين سملالي

إذا كان الهدف هو تحسين الخدمات، فليبدأ الإصلاح بمن يتولون تدبير المؤسسات، لا بمن يحرسون ابوابها !

يبدو أن وزارة الصحة قررت فجأة اكتشاف أهمية المستوى الدراسي، لكن ليس في صفوف الأطباء أو الممرضين أو المسؤولين عن تدبير القطاع، بل عند حراس الأمن ! 

فوفق مذكرة جديدة، لن يسمح بعد اليوم بتوظيف أي حارس في المستشفيات العمومية ما لم يكن حاصلا على البكالوريا، مع التأكيد على احترام الحد الأدنى للأجر. وبما أن التساؤل ممنوع في هذا البلد، فلن نسأل عن الصفقات السابقة ، وما إذا كانت تحترم أصلا الحد الأدنى للأجور، ولن نتساءل عن العقود المبرمة مع شركات المناولة التي اغتنت على حساب هؤلاء الحراس، ولن نخوض في مدى احترام الحكومة للقوانين التي تتبجح بها، لأن الأهم الآن هو : 

هل سيتم تطبيق هذا المعيار على المنتخبين بقبة البرلمان ومختلف المجالس المحلية  والإقليميين والجهوية ؟ 

لأنه لو كان “المستوى التعليمي” شرطا أساسيا في الانتخابات، لكنا شهدنا زلزالا سياسيا يفرغ قاعات المجالس المنتخبة، ولأصبحت بعض الأحزاب خاوية على عروشها، خصوصا تلك التي تستقطب المرشحين بمعايير لا علاقة لها بالكفاءة أو المستوى التعليمي.

فبدل ترك الأمر لحراس قد يفتقرون للتكوين الكافي في التعامل مع مرتفقي المستشفيات العمومية من الأجدر لوزارة الصحة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن، مثل أنظمة المراقبة الذكية القادرة على تحليل السلوكيات المشبوهة أو الكشف عن الحالات الطارئة عبر كاميرات متطورة ، بدل الاكتفاء برفع سقف الشهادات كحل وهمي ؟  

الحقيقة أن تطوير قطاع الصحة لا يحتاج إلى شهادات تعلق على الجدران ، بل إلى رؤيةٍ تدمج بين العنصر البشري المدرب والتكنولوجيا الحديثة. فبدل اشتراط البكالوريا للحراس، كان الأجدر بالوزارة توفير دورات تكوينية مكثفة لهم في الإسعافات الأولية، وإدارة الأزمات الأمنية ، وحتى المهارات التواصلية الأساسية، خاصة في ظل تعاملهم اليومي مع مرضى يعانون من ضغوط نفسية وجسدية. كما أن دمج مساعدين في الاستقبال متخصصين في التوجيه والمصاحبة الإدارية سيسرع إجراءات الدخول والتكفل بالمرضى ويخفف العبء عن الممرضين والأطباء، ويضمن تعاملا إنسانيا مع المرضى، بدل تحويل المستشفيات إلى ثكنات أمنية جامدة.

 ولكن ماذا عن الذين يحرسون المال العام و يدبرون شأننا العام ؟ 

ماذا عن الذين يدبرون شأن الجماعات الترابية المحلية والإقليمية  والجهوية ، ويتصرفون في ميزانيات ضخمة دون أدنى دراية بأساسيات التسيير ؟ 

يبدو أن الحكومة مصرة على ضبط معايير الكفاءة فقط عندما يتعلق الأمر بالفئات الهشة، بينما تترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها أمام المنتخبين الذين قد لا يفرقون بين “الفائض” و”العجز”، لكنهم يتقنون فن تمرير الصفقات واقتسام الكعكة وتحصين مصالحهم وامتيازاتهم الخاصة.

إذا كان الهدف من هذا القرار هو الارتقاء بجودة الخدمات، فلماذا لا يبدأ الإصلاح من القمة بدل القاعدة ؟ 

أم أن المواطن البسيط الذي هو ضحية ونتاج السياسات العمومية الفاشلة مطالب بأن يكون متعلما حتى يشتغل كحارس ، بينما يكفي أن يكون “ابن فلان” أو “صاحب نفوذ” ليصبح نائبا برلمانيا أو رئيس مجلس أو مستشارا جماعيا ؟ 

في النهاية، لا خوف على هؤلاء ، فشهاداتهم ليست ورقية ، بل “انتخابية” ، ولا أحد سيطلب منهم يوما إثبات قدرتهم على قراءة ميزانية أو تحليل تقرير مالي . 

أما الحراس، فيكفي أن يكونوا ضحايا نظام لا يرى فيهم سوى أرقام في لوائح التشغيل، وخطوة دعائية تلمع صورة الإصلاحات المزعومة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة