حركة تبون ..
بقلم : عزيز لعويسي
يسدل الستار عن القمة العربية بالجزائر، التي شاءت شهوة منظمها “تبون” وزبانيته، أن تحمل اسم “قمة لم الشمل”، التي ستنضاف إلى سجل قمم عربية، باتت للأسف، مجرد طقس قومي عروبي، للصلاة على جنازة وطن عربي، بدليل ما يعيشه العالم العربي، من مشاهد التشرذم والتفرقة والأنانية، ومن صور النعرات والدسائس والعنتريات، وهذه القمة المثيرة للجدل، لم تكشف فقط، عن حالة التفرقة التي تنخر الجسد العربي، في ظل الملوك والأمراء والقادة العرب الذين اعتذروا عن الحضور، بل وكشفت أمام العالم العربي والإسلامي، عن “سيقان” و”مفاتن” نظام جزائري فاقد للبوصلة، بلغ مستويات متقدمة من العداء للمغرب ووحدته الترابية، خلافا لما يدعيه هذا النظام العدواني، من وحدة وعروبة وتضامن وأخوة وحسن جوار، ومن نصرة فلسطين “ظالمة أو مظلومة”…
قطار”لم الشمل”، انطلق من محطة أولى، ارتبطت بما تعرض له الوفد الدبلوماسي المغرب من خروقات بروتوكولية وتنظيمية، متنافية والأعراف الدبلوماسية والتدابير المعمول بها في اللقاءات التي تعقد في إطار الجامعة العربية، ومعاكسة لمبادئ الأخوة والعروبة وحسن الجوار، مرورا بمحطة تلاعب قناة رسمية جزائرية بخريطة المغرب، في اعتداء جسيم على الخريطة الرسمية للوطن العربي، المعتمدة من قبل الجامعة العربية، وانتهاء بما حدث في الجلسة التحضيرية لوزراء الخارجية، لما طالب وزير الخارجية المغربي بإدراج “مشروع التدخل الإيراني في الوطن العربي” ضمن جدول الأعمال، مما أثار مشاعر الغضب لدى وزير الخارجية الجزائري بصفته مسيرا للجلسة، دون إغفال ما تعرض له الوفد الإعلامي المغربي من احتجاز وتضييق واستفزاز ومصادرة للمعدات…
لكن ومهما كانت مخرجات “القمة 31″، يبقى الحدث البارز الذي ميزها وطبعها، هو الطريقة الفريدة التي صافح بها الرئيس الجزائري، رئيس الوفد الدبلوماسي المغربي ناصر بوريطة، وإذا ما أردنا إعادة تشكيل المشهد الدرامي، نتوقف عند صورة تبون الجزائر، بملامح مفعمة بالحقد، وهو ينتظر وصول وزير الخارجية ناصر بوريطة، وما أن استقبله، حتى تغيرت ملامح وجهه في لمحة بصر، وصافحه بابتسامة مزيفة على مضض، لم تدم إلا ثوان معدودات، وبمجرد مغادرة الوزير المغربي، حتى ذاب جليد الابتسامة التبونية المزورة، وتغيرت ملامح الرجل بسرعة البرق، وعبر عن واقع الحال، بنظرات عدوانية تابعت خطوات ناصر بوريطة، أنهاها بإشارة بشفتيه، في سلوك “مراهق” غني عن الوصف والتعبير.
“حركة تبون” مهما اجتهد المفسرون في تحليلها، ومهما برع المنجمون في تأويلها، فقد اختزلت لوحدها، حكاية نظام “حاقد ” مهووس بالمغرب إلى درجة الحمق والجنون، ويكفي قولا، أن نظاما بأكمله، تجند لمراقبة وتتبع وتهميش واستفزاز الوفد الدبلوماسي المغربي دون غيره من الوفود العربية المشاركة، ولم تتوقف حكاية العداء عند هذا الحد، بل امتدت إلى مستوى التضييق على رئيس الوفد المغربي ناصر بوريطة، ومنع الإعلام الدولي من الوصول إليه، بعد أن أشهر الفيتو العدواني في وجه الوفد الإعلامي المغربي، وبدون شك، فاللقطة “التبونية” تفوقت على مهارات ميسي وانتصرت على قوة رونالدو، وهي تستحق أن تدرس في علم التواصل وعلم النفس وربما حتى في علم السياسة.
ونختم بالقول، بما أن العداء الأعمى يعمي البصيرة، فقد تلقى النظام الأرعن ضربات قاسية تحت الحزام من داخل عقر الدار وهو لا يدري، لأنه اعترف بمغربية الصحراء مكرها، بعد اعتذار قناته الرسمية عما طال الخريطة المغربية من تلاعب بعد دخول الجامعة العربية على الخط، بكل ما لهذا الاعتذار من تداعيات نفسية على جبهة الوهم والسراب، وعجز عن استدعاء زعيم الانفصاليين “بن بطوش” لقمة “لم الشمل” كضيف شرف، ولم يستطع التفوه لا من قريب ولا من بعيد باسم “الجمهورية المزعومة”، بل أكثر من ذلك، أحرجه الأسد المغربي ناصر بوريطة في عقر الدار، لما طرح موضوع تدخل النظام الإيراني في المنطقة العربية وتسليحه لجماعة البوليساريو الإرهابية، وفضح نفسه بنفسه أمام العالم العربي والإسلامي، بالطريقة الوقحة التي تعامل بها مع الوفد الدبلوماسي المغربي، والتي لا تليق البتة بأعراف الدبلوماسية، ولا بشيم وأخلاق ومكارم العرب …، وعموما فأهم ماورد في قمة لم الشمل” حركة تبون” و”عشاء الشيراتون”…