داعشساريو
بقلم : عزيز لعويسي
الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، كانت تفرض على نظام السوء، أن يتحلى بأعلى درجات الحكمة والتعقل، لكسب رهان تنظيم مؤتمر القمة العربية المرتقب تنظيمها بالجزائر غضون شهر نونبر المقبل، خاصة في ظل الحديث عن دور سعودي يروم إجراء وساطة بين الجزائر والمغرب، والواقعية كانت تقتضي أن يتحلى هذا النظام التائه بأعلى مستويات الرصانة والانضباط لكسب رهان تنظيم الألعاب المتوسطية المزمع عقدها بوهـران غضون شهر يونيو المقبل، والتبصر السياسي كان يفرض على من يتحكم في أزرار هذا النظام، الابتعاد عن خطاب العنف والتهديد والهجوم والتطرف، بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمر التحالف الدولي لمحاربة داعش بمدينة مراكش، في ظل سياق جيوسياسي دولي موسوم بالقلق والتوتر بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي عمقت بؤرة الخلاف بين روسيا والغرب.
لكن أعداء السوء، أصروا بكل غباء وتهور أن يغردوا خارج المنتظم الدولي الذي يراهن على كسب الحرب ضد الجماعات والكيانات المتطرفة والإرهابية وفي طليعتها داعش، وهم يقدمون على دفع مرتزقة الوهم والسراب، إلى الخروج العلني لتهديد المغرب بتنفيذ هجمات إرهابية في الصحراء المغربية ومناطق أخرى داخل التراب المغربي، بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش الذي أقر بوجود صلات وترابطات عميقة بين “الانفصال” و”الإرهاب”، وهذا التحرك الغبي والمتهـور الفاقد لأدنى شروط الضوابط الدبلوماسية والواقعية السياسية ولمبادئ الأخوة وحسن الجوار، يعكس شيئين اثنين لا ثالث لهما، أولهما: أن نظام السوء بات يعيش حالة من العزلة والشرود، ولم يعد قادرا على فهم أو استيعاب المتغيرات الجيوسياسية القائمة التي تشكلت ملامحها الأولى منذ الاعتراف الأمريكي غير المسبوق بمغربية الصحراء وما تلاه من نجاحات دبلوماسية واقتصادية وتنموية، وثانيهما: أنه وصل إلى حالة مأسوف عليها من اليأس والعزلة، في ظل الضربات الدبلوماسية العنيفة التي تلقاها ويتلقاها في رهانه المفلس على مرتزقة السراب لاستهداف المغرب ووحدته الترابية.
بعد خرجة القيادي المعتوه الذي هدد المغرب بالحرب وتنفيذ عمليات إرهابية داخل التراب المغربي، بات واضحا للعيان، أن مرتزقة السراب كشفت عن سوءتها أمام أنظار العالم، وقدمت نفسها كعصابة إرهابية مهددة للأمن الإقليمي والدولي، خطرها لايقل عن خطر داعش وأخواتها من الكيانات المتطرفة التي تتمركز في منطقة الصحراء والساحل، وهذه الهوية الإرهابية المعلنة بدون حرج أو حياء، تعد ليس فقط تهديدا لأمن واستقرار المنطقة برمتها، بل واستفزازا للدول التي شاركت في مؤتمر التحالف الدولي لهزيمة داعش الذي انعقد بمراكش قبل أيام، وتحديا للمنتظم الدولي الذي عانى ويعاني من التهديدات والمخاطر المرتبطة بالإرهاب الدولي، الذي يهدد أمن ووحدة واستقرار الدول، ويمنع إفريقيا من فرص النهوض والنمو والنماء والرخاء والازدهار، وعليه، فالدول المنخرطة في التحالف الدولي ضد داعش، لابد أن تتحمل مسؤوليتها كاملة فيما صدر عن عصابة تندوف أو “داعشساريو” من تهديدات إرهابية علنية ضد المغرب، والتحرك دبلوماسيا وقانونيا وأمميا في اتجاه تصنيف هذه العصابة ضمن قائمة الإرهاب الدولي، وذات المسؤولية، لابد أن يتحملها الاتحاد الإفريقي الذي آن الأوان ليتحرك في اتجاه طرد هذا الكيان الإرهابي الذي يمس بصورة هذا التكتل الإفريقي ومصداقيته في العالم.
نظام السوء وهو يدفع “داعشساريو” نحو مستنقع الإرهاب الدولي، يؤكد مرة أخرى أنه أغبى مما قد يتصور البعض، لأنه فضح نفسه باعتباره راعيا للإرهاب، ووقع وهو لايدري على شهادة وفاة مرتزقة “داعشساريو”، ومنح المنتظم الدولي الاعتبارات القانونية لإدراج هذه العصابة ضمن قائمة الإرهاب الدولي، وأتاح للمغرب المبررات الواقعية والأمنية، للتعامل الصارم والحازم مع أية تحركات مشبوهة على مستوى الحدود أو عمليات من شأنها المساس بالوحدة الترابية للمملكة، وأتاح للدول المترددة أو التي لازالت تعترف أو تتعاطف مع العصابة، من أجل تغيير موقفها والجنوح الذي لامحيد عنه، نحو قائمة الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء، وأقرت بمصداقية الحكم الذاتي باعتباره أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب لحل هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وإشهار سلاح الإرهاب في وجه المغرب، معناه أن النظام الحاقد وفي ظل ما تعرض له من نكسات سياسية وصفعات دبلوماسية، تحول اليوم، إلى ما يشبه “الديك المذبوح” الذي يرقص آخر الرقصات، دون أن يدرك أن “المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها” و”مغرب اليوم لم يعد كمغرب الأمس”، ودون أن يستوعب أن الرهان على “داعشساريو” لن يقود إلا لحافة اليأس والبؤس والعزلة والانفصال … ونختم بالقول، يؤسفنا أننا نجاور نظاما شقيا يستثمر في اللغط والغوغاء والحقد والعداء والانفصال والإرهاب، بينما الأنظمة العاقلة، تستمر في لغة الحوار والتعاون والسلام والبناء والنماء والمصالح المشتركة … في انتظار أن يظهر في الجارة الشرقية “حكماء” يستحضرون الدين والعروبة والأخوة وحسن الجوار ولم الشمل العربي …