درس قسطنطينة
بقلم : عزيز لعويسي
مباراة المنتخبين المغربي والجزائري برسم ربع نهاية كأس إفريقيا للأمم أقل من 17 سنة، مهما تم الاجتهاد في توصيفها، لم تكن تخرج عن مربع عمليات مباراة في كرة قدم، تعد بالنسبة لعدد من الشباب اليافعين، فرصة لصقل الموهبة وتطوير القدرة وكسب المزيد من التجربة، خدمة لمستقبلهم الكروي، وأي عاقل ومتبصر، كان سينظر إليها من هذا المنظور، إلا النظام الكابراني، الذي استغلها فرصة من ذهب، للركوب كعادته، على صهوة السياسة، مسخرا ما لديه من “بارود” نكاية في “المروك”؛
نظام “قلة النية”، وبدل التحلي بالروح الرياضية والرجوع إلى الخلف، أبى إلا أن يدخل على الخط، بل وأن يتحول إلى مدرب فوق العادة لشباب يافعين لا يعرفون كرها ولا حقدا ولا قلة حياة، إلا حب “كرة قدم”، تقتضي تملك الروح الرياضية واحترام الخصوم والإبداع والإمتاع والقبول بقدر الربح والخسارة، فراهن على خطط “العسكرة” و”التجييش” و”الاستقبال” و”الاحتفال” و”الفانتازيا” و”حشد الهمم” و”المساجد” و”الأئمة” و”الدعوات” و”الابتهالات”، في مشاهد توحي للناظرين والمتأملين، أن الأمر يتعلق بأم المباريات وأم الكؤوس، ما لم نقل “أم الغزوات”؛ التي حضرت آخر حلقات طقوسها، في ملعب غاص بجمهور غفير، أتى من كل فج عميق، ليلعب دور اللاعب رقم 12 في إسقاط أشبال الأطلس في الليلة الكبرى؛
لكن سفينة الأشبال، أتت بما لم تكن تشتهي سفينة نظام العداء، بعدما تحلوا بما يكفي من المسؤولية والاتزان والانضباط التقني والتكتيكي، ونجحوا في إلحاق الهزيمة بالمنتخب الجزائري في عقر الدار بثلاثة أهداف نظيفة، مكنتهم من العبور الآمن إلى دور نصف النهاية، والظفر ببطاقة العبور إلى نهائيات كأس العالم للشباب، وعلى الرغم من أهمية هذا الانتصار التاريخي الذي كرس ويكرس صحوة وإشعاع الكرة المغربية، يبقى الانتصار الحقيقي، هو ما تخلل المباراة من روح رياضية ومن رصانة ومسؤولية واتزان، وما خلفته من مشاهد مزعجة للنظام الحاقد، عكستها الصور المشتركة للاعبين المغاربة والجزائريين، وصور مواساة اللاعبين المغاربة لنظرائهم الجزائريين عقب نهاية المباراة، وهذه الصور والمشاهد، ستبقى درسا لنظام العداء، الذي أرادها مباراة بطعم الغزوة، فشاهد على مضض مباراة بألوان الأخوة والمحبة والسلام والتسامح والعيش المشترك .. أرادها مباراة للثأر وإشفاء غليل العداء، فكانت مباراة محبة وصداقة وسلام…
إنها دروس ورسائل شباب مغاربة وجزائريين، منحونا جرعة من الأمل، في بلوغ مرمى عهد جديد بين الرباط والجزائر، قوامه الأخوة والدين والعروبة وحسن الجوار، وجعلونا ندرك تمام الإدراك، أن “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.، كما أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب العرش لسنة 2021، وكان من المفترض أن تكون العلاقات بين البلدين الجارين والشقيقين كذلك، لولا نظام عنيد، بلغ من “العداء المروكي” عثيا، لم يعد يعترف بأخوة ولا دين ولا جوار ولا “يد ممدودة” ولا “تعاون”، إلا صناعة العداء .