ذاكرة مكان ” الحلقة 10 ”
لنسافر إلى مدينة الصويرة
( تتمة )
بقلم : مطريب بوشعيب
لقد أدرك المولى محمد بن عبد الله الستراتيجية الخاصة للسواحل المغربية على المحيط الأطلسي، وأحس بالأخطار التي تهدد البلاد من جراء الأطماع الأوربية اقتصادياً وعسكرياً. فأقر سياسة دفاعية تهدف إلى تحصين السواحل المغربية الأطلسية وتسليحها وإلى تطوير الأسطول وتوسيع مجالاته ليؤمن الحماية اللازمة للبلاد ويدعم روابطها بالعالم الخارجي: »وشرع سيدنا ـ أيده الله ـ في عمارة الثغور وتشييد ما هده منها تتابع الأزمنة والدهور وحصنها بالعدد الكبير من المدافع والعدد حتى صارت ممنعة من العدو محفوظة من عين حاسد إذا حسد …وفي نطاق السياسة الجديدة كان بناء حصن »مرسى الصويرة«. ويرجع اختيار المولى محمد بن عبد الله مرسى الصويرة لبناء القلعة الحصينة إلى صلاحيتها للملاحة طوال السنة، خلافاً لمعظم الموانئ الأخرى الواقعة خاصة عند مصبات الأنهار التي تعرقل ملاحتها قسماً كبيراً من السنة:على أن سفن سيدنا الجهادية مقصور جهادها على شهرين في السنة لاتصال المراسي بالأودية، ويتعذر الخروج منها بالأزمنة الشتوية… وقد استعمل الحكماء وأهل الهندسة جهدهم في تنظيف المراسي من الرمل المانع لخروج المراكب، فلم يحصلوا على طائل …أول ما شرع في بنائه عام 1178 هـ التحصينات العسكرية: »لما فرغ السلطان من عرس ولده بمراكش في صفر 1178، ذهب إلى الصويرة… وشرع في بنائها وأقام بها نحو العشرين ورجع إلى مراكش .. أي أن تدشين بناء المدينة كان في شهر ربيع الأول تبركاً بهذا الشهر المبارك. ويؤكد ذلك اللوحة التذكارية الموجودة فوق باب السبع من القصبة: »الحمد لله، أمر ببناء هذا الثغر السعيد مولانا أمير المؤمنين… سيدي محمد بن عبد الله… عام ثمانية وسبعين ومائة وألف ..وأثناء إقامة التحصينات العسكرية للمدينة، عين قادة الرماية: »وفي صفر لعام 1179 عين الحاج محمد الصفار رامياً يذهبون للصويرة منهم المقدم الحاج محمد الفحام والمقدم الكبير الجزولي والمقدم اعزيز والمفرج والحاج عبد السلام البلاج والبادسي والسلاسي ..وأمر بنقل مدافع من فاس إلى الصويرة: »وفي مهل القعدة لعام 1179، قدم الصفار مع مائة رجل من البحرية بقصد أن يأخذوا الأنفاض التي بفاس الجديد ويذهبوا بها إلى…الصويرة ..والسفير المغربي أحمد الغزال، وهو معاصر، خير من يحدثنا عن مرسى الصويرة والتحصينات التي أقيمت بها:لها بابان شرقية وغربية تسافر منها القراصن متى شاءت من غير أن تفتقر لطيف هواء ولا لمرية، وشحن ـ أيده الله ـ الجزيرتين الدائرتين بالمرسى، كبرى وصغرى، بالعدد الكثير من المدافع وشيد برجاً على صخرة داخل البحر إحكامه لصنوف الهندسة جامع. فالقاصد للمرسى لا يدخلها إلا تحت رمي المدافع من البرج والجزيرة. فإذا جاوز المدافع وحصل بالمرسى، فلا يمكنه الخروج منها إلا بدليل له معرفة وبصيرة؛ فهي محصنة محفوظة وبعين الرعاية ملحوظة ..ولحصانة المنطقة أصبحت صورة فريدة؛ »لم يكن مثلها في ما سبق ولا أبصر نظيرها في بر العجم والعرب حدق ..وعندما أصبحت المدينة حصينة »وحصنها وأنفق عليها مالاً عظيماً ، بدأ العمران المدني يتسع بها: »ولما أكملها، أمر أهل فاس أن يعمروها بالإدالة من عام إلى عام ثلاثمائة رجل من أهل الصنائع على الأصناف حتى أوفت بهم الغاية ..ثم أسكن فيها »العلماء من أهل فاس وغيرهم،؛ كما نقل إليها عدداً من سكان المدن الأخرى ومجموعات من القبائل المختلفة، فأصبحت بعض مناطق المدينة تحمل أسماءها مثل »حومة أهل أكَدير، وحومة البواخر، وحومة بني عنتر ، وعين في الوقت نفسه »لكل فرقة عملاً مخزنياً تؤديه. فعين لأهل أكَدير رئاسة المرسى لكونهم مرنوا على البحر مع اشتغالهم بالتجارة، وعين من بني عنتر الطبجية ..ويبدو أن أوضاع المدينة قد أخذت تنتظم منذ عام 1182 هـ بصورة استلزم الأمر تعيين السلطات المختلفة بها، ولا سيما عاملها: »وفي عام 1182 ولى السلطان… الباشا محمد وبه وميلود الحيحي وأسكنه بالصويرة عاملاً عليها وعلى أحوازها ..على أن تحصينات المدينة قد تمت عام 1184 هـ. إذ نجد فوق باب المرسى لوحة تذكارية عليها: »الحمد لله. هذا الباب أمر ببنائه فخر الملوك سيدي محمد بن عبد الله على يد مملوكه أحمد أهر عام 1184«. كما يوجد منقوشاً على أحد المهارس بالقصبة: »الحمد لله وحده. هذا المهراس المبارك صنعوه في الوندريس على أمر سيدي محمد بن عبد الله سلطان المغرب نصره الله بقصد الصويرة عام 1183«….ونتيجة لذلك، »شاع خبرها في سائر الآفاق وأجمع الكل على تفصيلها وتقدمها على من سواها بالاستحقاق..وأسرع بصفة خاصة التجار المغاربة والأجانب إلى بناء دورهم ومراكز تجارتهم: »بنى بهذا الثغر المبارك العدد الكثير من التجار دوراً حتى ضاق عليهم مع وسعه، وانقادت إليه التجار من جميع الأجناس من حيث تحقق الكل منهم بالحصول على ربحه ونفعه..ولم تمض فترة طويلة من الزمن حتى أصبحت الصويرة من أهم الموانئ المغربية على المحيط الأطلسي ومن المدن الرئيسة بالمنطقة: »فهو في غاية العمارة، ضامن لموافيه البركة والربح في التجارة ..تميزت مدينة الصويرة منذ السنوات الأولى لبنائها بكونها مقر عمالة تتمركز فيها السلطات المكلفة بمجموع منطقة حاحا والشياظما، ومركز قضاء شرعي وقاعدة لقوات بحرية وبرية:»كان بثغر الصويرة أيام السلطان سيدي محمد بن عبد الله ما بين جيش وطبجية وبحرية ألفان وخمسمائة ، والميناء الرئيس للعاصمة مراكش: »ولما بلغ المركب للصويرة… وأخبروا أمير المومنين، فوجهني للصويرة فوادعته وانصرفت لها وتوجهت ومعي الباشدور التركي ..ومن جهة أخرى، فقد جعل المولى محمد بن عبد الله مرسى الصويرة ميناء حراً تشجيعـاً لها، »وأسقـط سيدنا ـ أيده الله ـ عمن يتردد إليها أو يأويه بقصد التجارة ما يجب عليه من الوظيف في فرده وجمعه ، وأمر في الوقت نفسه بإغلاق مرسى أسفي وأكَدير: »وعطل لأجلها مرسى أكَدير وأسفي، ريثما اشتهرت بين الناس ..ونتيجة لذلك، ازدادت مداخيل مدينة الصويرة:فخلال عام 1187، توصل بيت المال بالرباط بالمبالغ المالية التالية:
*من مدينة مراكش 156 ربيعة في كل ربيعة 3.000 درهم
*من مدينة الصويرة 34 ربيعة.
*من مدينة فضالة 12 ربيعة.
وخلال عام 1188، دخلت بيت المال بالرباط:
*44 ربيعة من الرباط.
*40 ربيعة من الصويرة.
*20 ربيعة من فضالة([39]).
وازدادت مداخيل الصويرة للتطور الذي عرفته المدينة: »وفي اليوم السابق من ذي الحجة 1204 هـ، ورد على الرباط نحو الخمسين جملاً حاملين صاكة الصويرة متوجهين إلى فاس . »وفي أوائل رجب [1210 هـ]، جاءت صاكة مرسة الصويرة في البحر نحو الستين قنطاراً ونزلت برباط الفتح …نمت مدينة الصويرة زمن المولى محمد بن عبد الله واتسع عمرانها وأصبحت مركزاً رئيساً هامّاً. وقد بنى الملك الصالح منزله داخل القلعة: »بنيت داخل القصبة دار لنزول جلالة السلطان قريبة من المرسى . ولمدينة الصويرة »أربعة أبواب: باب مراكش وباب دكالة وباب السبع وباب البحر . أما قصبتها، فلها أبواب ثلاثة: »باب السبع… وباب كانت قريبة من مسجد الشرادي وباب توصل إلى المرسى ..ومن أهم مساجد المدينة: مسجد القصبة والمسجد الجامع ومسجد الشرادي ومسجد ابن يوسف..أما أهم أسواقها، فهي »سوق الحدادين … هذا الشارع من باب السبع إلى باب دكالة هو المهم بالصويرة، ومنه تتفرع أسواق أخرى مثل سوق الصياغين والخياطين ورحبة الزرع وسوق الغزل وسوق الملح وغيرها ..ومن حومات المدينة الشهيرة: »حومة أهل أكَدير وحومة البواخر وحومة بني عنتر ..وفي مخطوط الضعيف الرباطي نجد وصفاً لإحدى زيارات المولى محمد بن عبد الله لمدينة الصويرة، وقد كانت آخرها: »وفي عام 1199 في ربيع الثاني، خرج السلطان للصويرة، فدخلها يوم السبت 26 من الشهر فدخل لجامع القصبة وصلى العصر مع الفقهاء من أهل فاس وغيرهم من حاحا وسوس وغيرهم والقبائل وأقام بها أياماً ثم خرج منها لناحية سلا ..وعن أهم التطورات التي عرفتها مدينة الصويرة خلال القرن التاسع عشر، فالوثائق التي بين أيدينا تؤكد الحقائق التالية:
أولاً : من الناحية الإدارية:ظلت مدينة الصويرة مقر عمالة يقيم بها عامل يعينه السلطان للقيام بكل شؤون المدينة وإقليمها. واهتماماً من المولى سليمان بمدينة الصويرة، عين عليها ابن أخيه وولي عهده المولى عبد الرحمن بن هشام. أما في الميناء، فهناك أمينان يسهران على ضبط الصادرات والواردات وعلى كلّ ما له علاقة بالشؤون المالية: »وبعد؛ فقد وصلنا كتابك أخبرت فيه بأن أمناء مرسى الصويرة أدخلوا لبيت المال بمحضرك… تحصلت من مستفاد المرسى المذكور وما أضيف إليه ..وبالمدينة قوات مسلحة برية وبحرية تتكون من قواد المائة والمقدمين والرماة، أنيطت بها مهمة السهر على سائر القوات المسلحة بالسواحل المغربية في بلاد سوس والصحراء الجنوبية. ولأهمية مدينة الصويرة، قام الأسطول الفرنسي بمهاجمتها عام 1830 م عند غزو فرنسا للجزائر؛ واحتلت القوات الفرنسية جزيرة الصويرة قبيل معركة إيسلي، ولم تجل عنها إلا بعد توقيع اتفاقية طنجة في سبتمبر 1844:وبعد؛ فقد بلغنا أن الإدالة التي بثغر أكَدير من الجيش الصويري لا طائل تحتها ولا تجدي لضعفها، وعليه فنأمرك أن تجدد إدالة كاملة مقومة وعجل بتوجيهها للثغر المذكور على العادة واصلة لخديمنا الأرضى الحاج عمر بن سعيد المتوكَي وأعلمه بعددها وعدتها، واخترها من أهل النجدة والفائدة والعدة الصحيحة .
..وفي الجانب الدبلوماسي: كانت مدينة الصويرة مركزاً رئيساً للقناصل الأجانب الذين يمثلون الدول الكبرى بأوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية: »ليكن في كريم ذهنك بأن نواب الدول المتحابة بثغر الصويرة اجتمعوا لأجل أن يتذاكروا ويتشاوروا . وقبل أن يتم تعيين القنصل بها، يخبر وزير خارجية المملكة المغربية عامل الصويرة لأخذ الأهبة واستقبال القنصل بكل حفاوة وترحاب: »وبعد؛ فإن نائب جنس البروس قد عين خليفة بثغركم اسمه “مسيو برإر”، وطلب منا الكتابة لكم بالإعلام بذلك. فلابد أجروه مجرى خلائف الأجناس فيما يجب لهم من التوفير والاحترام على العادة في ذلك . وهؤلاء القناصل يتصلون في كل معاملاتهم مع عامل المدينة الذي يحرص على تسهيل مهامهم وفق قوانين البلاد والاتفاقيات الدولية: »إن جميع نواب الأجناس هناك مشتغلون بما يعنيهم واقفون عند ما حولهم يتكلمون في ما لابد منه من أمورهم وأمور تجارهم ويجابون بما يقتضيه المقام جرياً على مقتضى الشروط والقوانين . وإخلال القنصل بواجباته قد يعرضه للعزل: »وصلنا كتابك… معلماً بما كتبه عامل الصويرة… شاكياً بقونصو النجليز بها… ولم يبق إلا أن يزجره الباشدور ويكفه ويؤخره ويولي غيره مكانه ..ومن جهة أخرى، فقد كان للقناصل بالصويرة نفوذ على كل المناطق الجنوبية بالمملكة بما في ذلك مراكش: »وبعد؛ فإن هنا بمراكش نصرانياً من جنس الصبنيول… مشتغل بأمور لا تصلح ولا يليق السكوت عنها… وقد أمرنا بتوجيهه مثقفاً للصويرة ليدفع لقونصوه هناك حتى يقيم عليه ما يستحقه حاله من الأحكام القانونية عندهم . ويدخل في مناطق نفوذهم كل الأراضي الصحراوية بجنوبي المملكة. فقد كتب قنصل إسبانيا بالصويرة إلى السيد الحبيب بن مبارك الوادنوني شيخ قبيلة تكنه بالساقية الحمراء يطلب منه أن يكف عن اعتقال الإسبانيين الذين ينزلون بسواحل الصحراء المغربية: »وبعد؛ فقد وصلنا كتابك وعرفنا ما أخبرت به من كتب قونصوه الصبنيول بالصويرة لك بالقبض على الخارجين منهم في الساحل .
ثانياً : من الناحية الاقتصادية:أصبحت مدينة الصويرة الميناء الرئيس لصادرات المنطقة الوسطى للمملكة ووارداتها. وقد أقام بها، بسبب ذلك، تجار أجانب من جميع الأجناس الأوربية والأمريكية. ومن الأمثلة التي تعكس اتساع نشاطهم التجاري: »أن التاجر كارتيس النجليزي وردت عليه طواني من الحديد للزيت، فجعلها ببراح قرب صقالة المرسى ملتصق بمحل معد لمصلى عيد المسلمين وأحاط بها براميل كباراً انسدت الطريق بها ..ومما زاد من مكانة المدينة الخط البحري الذي أصبح يربطها مع طنجة: »تفاصلنا مع القونصو المذكور بأن نسق… على أيدينا ونوجهها لحضرتكم بطنجة صحبة بابور النجليز ..واعتناء من السلطات المحلية بمرسى الصويرة، فإن أعمال الصيانة والإصلاح لم تنقطع:وبعد؛ فقد أمرنا خدامنا الأمناء بأن يقوموا على ساق الجد في إصلاح الفلائك وزيادة ما تحتاج إليه الخدمة في المرسى من البحرية وغير ذلك مما ينقطع به الكلام من تعطيل الوسق والوضع. فإذا توقفوا على زيادة عدد من البحرية، فنفذ ذلك ولابد ..وحسب التقارير التي كتبهـا المبعوث الأمريكـي فيلكـس ماتيوسMatheus) (F. عن الفترة ما بين 1879 و1881، فإن ميناء مدينة الصويرة قد أصبح المنفذ الرئيس لكل الصادرات والواردات المتعلقة بالمنطقة الجنوبية من المغرب، وإن السفن الأمريكية التي كانت تقلع من ميناء بوسطن أو غيرها حاملة المنتوجات الأمريكية تتوقف بالصويرة حيث تتسلم في المقابل منتوجات مغربية وإفريقية …أما مداخل بيت المال بالصويرة، فقد بلغت في شهر يوليه لسنة 1874 رقماً مرتفعاً: »بيان ما دخل لبيت المال ـ عمره الله ـ بثغر الصويرة ـ صانها الله ـ من مستفاد شهر يوليه العجمي سنة 1874… أحد وثلاثون ألف مثقال وستمائة مثقال وسبعة وثمانون مثقالاً وست أواقي حسبما هو مبين في كناش المرسى السعيد وكناش بداخل بيت المال عمره الله .
ثالثاً: من الناحية الاجتماعية:ضمن الوفود التي كانت تصل إلى العاصمة لتهنئة السلطان، كان الوفد الصويري:وبعد؛ فقد ورد على حضرتنا الشريفة من أوفدته من خدامنا أهل الصويرة ومن معهم وصفان جيشنا السعيد كما بطرته، ونابوا عنك في تهنئة جنابنا السعيد بما سنى الله من النصر المبين والعز المتين، وقاموا في ذلك أحسن قيام، وأدوا السمع والطاعة، وفازوا من ذلك بخير عظيم وثواب جسيم. أصلحك الله وأصلحهم، ورضي عنك وعنهم ..واعتماداً على رسالة بعثها إلى عامل الصويرة قناصل الدول الأجنبية بها، نقف على ما يلي :
1 ـ كثيراً ما كان القناصل الأجانب يقترحون على العامل إدخال إصلاحات يرون ضرورتها:ليكن في كريم ذهنك بأن نواب الدول المتحابة بثغر الصويرة اجتمعوا… لأجل أن يتذاكروا ويتشاوروا على كتاب تقدم لهم من عند كثرة التجار الساكنين بهذا الثغر الصويري… اتفقوا على أن ينعقد مجلس يكون فيه أربعة نصارى وأربعة يهود واثنين (كذا) من المسلمين .
2 ـ ومن المشروعات المقترحة: »اتفقوا على أن يكتبوا لك لتشد لهم العضد… ليسهل لذلك المجلس قبوض (كذا) الدراهم اللازمة التي يحتاجون إليها… لإصلاح دروب الملاح وتخميلهم (كذا) ولتنظيف أزقة البلاد …من الطّوائف الأساسية في المجتمع الصويري: أهل الذمة من اليهود الذين كانوا يتمتعون بامتيازات وفرتها لهم الشريعة الإسلامية، منها الحفاظ على دينهم والوقوف ضد المحاولات التبشيرية المسيحية التي كانت تهددهم:..وبعد؛ فقد رفع الشكاية لحضرتنا العالية بالله تجار اليهود بمرسى الصويرة أن أصحاب الدين الجديد الحديثي السكنى بالصويرة اشتغلوا بالوسوسة والخوض في دينهم وحض أولادهم ومساكينهم على إبدال دينهم بدينهم الجديد وأعطوهم الدراهم التي لها بال على ذلك حتى جلبوا منهم نحو المائتين بين صبيان وصبيات وصاروا يقرؤونهم قراءتهم وطلبوا رفع ضررهم عنهم بمنعهم من السكنى معهم. فنامرك أن تتكلم مع باشدور جنسهم وأن لا تقصر معه في كل ما يبعدهم ويجليهم ويقصيهم ويطردهم عن هذه الإيالة المحروسة بالله .
ومن الناحية الثقافية: لقد وقع الاختيار على عدد من الطلبة الصويريين المتفوقين في الرياضيات لإرسالهم إلى أوربا للدراسة والتخصص في العلوم الحديثة: »وبعد فقد وصلنا كتابك وصحبته طلبة الحساب الذين وجهت بقصد اختيارهم عملاً بأمرنا الشريف، فوجدنا أثر النجابة لائحاً على الستة المذكورين بالطرة .