ذاكرة مكان ” الحلقة 18 “
لنسافر إلى
أصيلة .. دروب وجدران للفن
بقلم : مطريب بوشعيب
تعاقبت عليها حملات استعمارية عديدة، وارتبطت شهرتها بموسمها الثقافي الصيفي الذي انطلق في نهاية سبعينيات القرن العشرين، وجعلها قبلة لشخصيات فكرية وصناع قرار من آفاق مختلفة. تزخر أصيلة بمعالم تاريخية وعمرانية كثيرة، تعزز هويتها كمركز ثقافي وتراثي. في مقدمتها برج “القمرة”، ومركز المراقبة على المحيط الذي تفيد المصادر التاريخية أن ملك البرتغال دون سيباستيان انطلق منه لخوض معركة وادي المخازن، حيث هزمت جيوشه على يد الملك السعدي أحمد المنصور
تشتهر أصيلة بشواطئ طويلة من الرمال الذهبية الناعمة، على غرار شاطئ برادايس الذي يعد أحد الشواطئ الساحرة في المغرب العربي، ويقع في المنطقة الجنوبية من مدينة أصيلة حيث الرمال والشمس الذهبية والبحر الأزرق، ويعتبر شاطئًا مثاليًا للاستجمام والاسترخاء. ويعتبر” برج القمرة” المكان التاريخي الذي قضى فيه الملك “دون سيباستيان” ليلته الأخيرة قبل أن يقود جيوشه لمعركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة، التي جمعت بين الملكين السعديين المتنازعين على الحكم عبد المالك السعدي وابن عمه المتوكل والمتحالف مع الملك البرتغالي “سيباستيان”، حيث لقي الثلاثة مصرعهم في هذه المعركة.
وفي أقصى زاوية للمدينة على البحر، ينتصب قصر الريسوني الفخم والحصين الذي يعد من أهم المعالم السياحية في المدينة، الذي تحول فيما بعد لما يسمى بقصر الثقافة، فهو يعبر بنقوشه ومعماره عن الطابع الإسلامي الأصيل، وقد شيد القصر القائد أحمد الريسوني بداية القرن الـ20، وأعيد ترميمه من مؤسسة منتدى أصيلة ليصبح معلمًا بارزًا يحتضن تظاهرات ثقافية وفنية..
وتتحول جدران ودروب مدينة أصيلة ، في – يونيو- من كل عام، إلى لوحات ملونة. إذ تشهد المدينة حركة استثنائية، لا سيما مع بدء منتدى أصيلة الثقافي.,. توافد على المدينة المطلة على المحيط الأطلسي في هذه الأيام، عشرات الفنانين الذين يُعملون ريشهم في جدران المنازل البيضاء، ليحولوها إلى لوحة فنية كبيرة تضج بالألوان.وتعد مدينة أصيلة واحدة من المدن المغربية العريقة، إذ يعكس اسمها كثيرا من هذه المعاني، خاصة وأن سكانها يحرصون على الدوام على أن تبدو مدينتهم في أبهى حلة.وتمتاز المدينة بأزقتها الضيقة، والمنازل المصبوغة باللون الأبيض، وهو ما يحفز الفنانين الباحثين عن فضاءات أرحب للتعبير عن خيالهم بعيدا عن الورش المغلقة.ويقصد عشرات الفنانين المدينة لترك بصماتهم على جدرانها العتيقة، إذ تعد كل واحدة من هذه الجداريات بصمة لفنان رسم بريشته على جدرانها، وهو ما منح المدينة صفة “صديقة الفن والفنانين”.وتعد مدينة أصيلة على صغر مساحتها وقلة عدد سكانها، واحدة من أشهر المدن المغربية، نظرا للاهتمام الكبير الذي يتمتع به المنتدى الثقافي لهذه المدينة، حيث تستقبل شخصيات معروفة في عالم السياسة والفكر والثقافة.