ذاكرة مكان ” الحلقة 7 “
لنسافر إلى وادي الجنة “ ايموزار اداوتانان “
بقلم : مطريب بوشعيب
على بعد 61 كيلومترا شمال أكادير، وبعد تسلقكم لثلة من الجبال الشامخة، يتراءى لكم واد ذي مناظر وألوان طبيعية مختلفة تدعوكم إلى اكتشافه. هذا المكان المشتمل على مزارع في شكل مدرجات وهضاب متموجة تغطيها أشجار الأركان والنخيل وأشجار اللوز والعرعر والزيتون، إنه وادي الجنة.
– إيموزار إداوتنان
منطقة تجسد غواية الأرض للباحثين عن .. التمتع بجمال الطبيعة تضم أكبر مغارة فى إفريقيا وثاني أكبر شلال في المغرب تعد «إيموزار إداوتنان» منطقة سياحية بامتياز حيث تستقبل طيلة العام وفودا من المغاربة والأجانب.. وهي مشهورة بشلالاتها وواحاتها ومحمياتها وأسواقها ومياهها المتدفقة على طول الطريق الملتوية حول الجبال والمؤدية إما إلى «وادي الجنة» أو «سحر المغارات» التي تبدأ من أعلى الجبل وتنتهي في الساحل الأطلسي، وكذا بروعة تدفق المياه العذبة من واحدة من أعلى قمم الأطلس الكبير مشكلة بذلك ثاني أكبر شلال بالمغرب بعد شلالات أوزود.
– إيموزار إداوتنان وموسم العسل
يشار إلى أن موسم العسل يقام منذ أكثر من ثلاثين سنة، ويتيح للزوار بالمنطقة على صعيد جهة سوس ماسة درعة وباقي مدن المملكة والسياح الأجانب فرصة اكتشاف هذه المنطقة التي تشكل فيها تربية النحل النشاط الأساسي بمناخها الملائم للنحل.
وتعد «ايموزار إداوتنان» منطقة سياحية بامتياز حيث تستقبل طيلة العام وفودا من المغاربة والأجانب.. ويقدر الإنتاج الإجمالي السنوي من العسل الحر بحوالي 1200 طنا. ويلعب هذا المنتوج المحلي دورا محوريا في اقتصاد المناطق البورية والجبلية، حيث ينظم سنويا موسم للعسل تعرض فيه جميع أنواع العسل المحلي الذي يتم إنتاجه بالطرق التقليدية والعصرية.
– تعني كلمة « إيموزار » الأمازيغية، وهي جمع لكلمة «إمزر»، المنحدر المائي، أي الشلال، وجمعها المنحدرات، أي «إيموزار». أما كلمة« اداوتنان »، فهي كلمة من شقين، أولاهما «تنن»، وهو الجد الأصلي بالعربية. أما «إيداو» فتعني أهل المنطقة الأمازيغيين لغة وثقافة وحضارة. واستقرت بها ثلاث قبائل، حصرها المصدر في قبيلة «إفسفاسن» القاطنة بمنطقة أقصري، وقبيلة «تنكر» بمنطقة «المزار»، ثم آيت أوعزون بتيقي. يفتخر التنانيون بكون الاستعمار الفرنسي لم يتمكن من ولوج المنطقة لإخضاعها إلى الإستعمار إلا سنة 1928، نتيجة المقاومة الشرسة للتنانيين.
تنقسم منطقة إيموزار إلى أربع جماعات قروية، هي جماعة ايموزار (233 كلم مربع) ب6.351 نسمة وجماعة تقي (263 كلم مربع) ب10.070 نسمة، ثم جماعة أزيار 198( كلم مربع) ب3.803 نسمة، ثم جماعة تدرارت (205 كم مربع) ب5.703 نسمة. تشغل الأراضي الفلاحية مساحة 6.631 هكتارا، فيما تمتد الغابات بها على مساحة 53.952 هكتارا. لها مؤهلات طبيعية سياحية متنوعة يمكنها أن تلعب دورا طلائعيا في تنمية المنطقة. تعيش بها حوالي 25 نوعا من الثدييات كالقنفذ والضبع والماعز البري والسنجاب وغيرها، وكذا 72 نوعا من الطيور البرية كالعقاب والباز والحدأة والغراب، إلى جانب 20 نوعا من الزواحف كالأفعى والعضاءة الموريطانية والحرباء والوزغة والثعابين المختلفة. وتعتبر ايموزار إداوتنان التي تشتهر بتنوع فصائل وأنواع النحل الجبلي منطقة تربية النحل وإنتاج العسل بامتياز على الصعيد الوطني، حيث تنتشر مئات المناحل بمختلف بوادي إيموزار.
إذا كنت من المحظوظين، وزرت مدينة أكادير وسألت أحد أبنائها عن أحسن المواقع السياحية المتاخمة لها التي يمكنك زيارتها والاستمتاع بالرحلة إليها قبل الانتشاء بها، فإنك ستلتقط بعفوية من لسانه «إيموزار إداوتنان»، المشهورة بشلالاتها وواحاتها ومحمياتها وأسواقها ومياهها المتدفقة على طول الطريق الملتوية حول الجبال والمؤدية إما إلى «وادي الجنة» أو «سحر المغارات» التي تبدأ من أعلى الجبل وتنتهي في الساحل الأطلسي، وكذا بروعة تدفق المياه العذبة من واحدة من أعلى قمم الأطلس الكبير مشكلة بذلك ثاني أكبر شلال بالمغرب بعد شلالات أوزود.
بالطبع، تفصل بين أكادير وبين «إيموزار» الساحرة «طريق العسل» الملتوي حول أعناق الجبال الأطلسية ومنحدراتها ومصاعدها المؤدية إلى بوادي وقرى إيموزار، المدرجة في ظلال أشجار الأركان واللوز والزيتون والخروب التي تعشش فيها اليمامات والطيور المغردة، والمعطرة برائحة الزعتر والخزامة.
كم من واحد أغوته مداخل «طريق العسل» العابرة لجانب من سلسلة جبال الأطلس الكبير، فتوقف أثناء رحلته على حافات السواقي والوديان المحاذية للطريق المؤدية إلى كنوز منطقة «إيموزار إداوتنان» ليقضي نهاره تحت ظل شجرة الأركان أو الخروب، مستمتعا بخرير المياه وزقزقة الطيور. وكم من باحث عن لذة العين، لم يستسلم لإغراء مداخل المنطقة، فاستحسن الغوص في جبال ومعابر منطقة إيموزار، ليطل على «وادي الجنة»، أو على سقوط المياه من عل في شلالات مدهشة بقوتها وجمالها. تقع منطقة إيموزار إداوتنان ذات الطابع الريفي الجبلي على ارتفاع حوالي 1.250 متر عن سطح المحيط الأطلسي الذي تنبطح مدينة أكادير أمامه إجلالا وإكبارا لما يقدمه لها من خيرات. يحد منطقة إيموزار المنتمية إلى عمالة أكادير، شمالا تراب عمالة الصويرة وجنوبا منطقة أورير وشرقا إقليم تارودانت وغربا منطقة التامري بعمالة أكادير. يتميز ربيعها بطقس في منتهى الروعة والجمال، لكون ثلوج قمم جبالها تبدأ في الذوبان للتخلص من البياض الذي يكسوها، مشكلة شلالات رائعة تتساقط عبرها المياه من عل، وتنتشر الخضرة في حقول المنطقة الخضراء المزركشة بألوان الربيع، والمغطاة بغابة الأٍركان. وتشتهر المنطقة المعروفة على الصعيد الوطني بتربية النحل وإنتاجها لأجود أنواع العسل الشافي المعروف ب«العسل الحر» أو«الصافي» وبتربية الماعز والحيوانات البرية، وينتشر بغاباتها الخنزير البري والغزال والأرانب ….
مواقع سياحية طبيعية
طريق العسل من أورير إلى سد عبد المومن، مركز إيموزار وشلالات إيموزار الرائعة التي يحط فيها الماء من عل، ومغارات «وينتيمدوين» الساحرة بجماعة أضمين، والتي تبدأ من الجبل وتنتهي في الساحل الأطلسي، ومغارات أسيف الحاد بجماعة تدرارت، وواحة نخيل «تمزركوت» و«وادي الجنة» بأقصري وأسيف الحد وإنزركي وشلالات حجاب المتزوجة وطريق خلايا النحل ًإنزركيً، وهي عبارة عن مناظر خلابة وتنوع نباتي مدهش وكذا المعاصر الزيتية التقليدية المنتشرة وسط الدواوير، وطريق وادي تنكرت حيث تنتشر به عدة مآوى بقيت منذ عهد البرتغاليين، وتجعلها ومحميات الصيد «أسماما»… كلها عناوين لمواقع سياحية جذابة تغري بالزيارة والاستمتاع بسطوة جمالها، وتستقطب العديد من السياح الذين ذهلوا بجمال طبيعتها، ومناظرها الخلابة، وطيبوبة وحفاوة سكانها الأمازيغ الأصليين.
تنتشر بمنطقة إيموزار أربعة فنادق، أولها فندق «تفريت» الذي بني على قارعة الطريق المؤدية إلى أسواق إيموزار، يستقبلك، وأنت تنساب على الطريق الملتوية حول أعناق جبال الأطلس.
ثم تستهويك الإقامة بفندق «الشلالات»الموجود بمركز إيموزار. وإذا نزلت للاستمتاع بمنظر جبال الأطلس وهي ترمي بمياهها من أعلى قممه بإيموزار، فلا بد أن يغريك فندق «أمالو» بالإقامة عند قدم الشلالات، التي تحاصرها أشجار الزيتون والأركان. أما إذا قررت العودة إلى مدينة أكادير عبر الطريق الوطنية الرابطة بين أكادير ومراكش، فلن تسلم من التعبير عن الرغبة في قضاء فترة بفندق «زولادو»، وهو مشروع سياحي جديد يساهم في انعاش وتنمية منطقة تيقي سياحيا واقتصاديا.
– « وينتيمدوين »
أكبر مغارة تحت الأرض في إفريقيا لعل ما لا يعرفه أغلب المغاربة هو وجود أشهر مغارات العالم بمنطقة إيموزار المسماة بمغارة «وينتيمدوين» الواقعة غرب الأطلس الكبير، حيث تمتد هذه المغارة التي تقع على ارتفاع قدر بحوالي 1250 مترا غرب جبال الأطلس الكبير، وعلى بعد أزيد من50 مترا تحت باطن الأرض، تمتد على مسافة أكثر من19 كلم.سبق للسلطات المغربية أن طالبت انطلاقا من حرصها على المحافظة على وسطها الطبيعي المتميز بإدماج مغارة و«ينتيمدوين» ضمن التراث العلمي والطبيعي لليونيسكو. تم استكشاف هذه المغارة جزئيا في عشرينيات ثم خمسينيات القرن الماضي من طرف مستكشفي مغارات مغاربة وفرنسيين وإسبان، إذ تم استكشاف المغارة للمرة الأولى من قبل مجموعة تتكون من 40 شخصا من بينهم خمس نساء، خلال رحلة متعددة التخصصات ضمت خبراء في الجيولوجيا المائية والطوبوغرافيا والجيولوجيا، إلى جانب مختصين في تسلق الجبال وعلم الأحياء، و12 من محبي الخفافيش.
تتميز المغارة بتنوع إحيائي بمياهها الجوفية، حيث اعتبرها مستكشفو المغارات ومختصون في علم الأحياء بمثابة كنز حقيقي يشتمل على تنوع إحيائي جد غني داخلها، تعيش بها حوالي 80 عينة من الفقريات الصغيرة، من بينها قشري يعيش في المياه العذبة، ويخضع بشكل كامل لظروف العيش في المياه الجوفية، وهذا ما قد يحمل على الاعتقاد بأنه يمثل صنفا جديدا من الأحياء المائية، فضلا عن اكتشاف خنفس يدعى (سياكون) يتوفر على فكين بارزين.
كما أوضح أحد الدارسين لصنف الخفافيش، كان ضمن فريق البحث الذي استكشف المغارة، أن مئات العينات من الخفافيش، بالمغارة قد أخذت، وتم أسر15 صنفا منها بعد أن لاحظوا تباينا في توزيع أصناف الخفافيش التي تحوم حول مغارة «وينتيمدوين». وتعد أكبر مغارة تحت الأرض في إفريقيا، على بعد 70 كلم من مدينة أكادير. وتمتد في مدخل الكهف حسب جون ميشيل بيشان، الباحث بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بفرنسا، أربع بحيرات على أزيد من 800 متر يجب اجتيازها بواسطة قوارب مطاطية من أجل استكشاف أغوارها وجماليتها. وقد كشفت أسرار هذه المغارة عدة أشرطة وثائقية بثت على العشرات من القنوات التلفزية.