رجوع إلى “الفار” بقلم : عزيز لعويسي

admin6 مايو 2025آخر تحديث :
رجوع إلى “الفار” بقلم : عزيز لعويسي

رجوع إلى “الفار”

بقلم : عزيز لعويسي

بعد أعمال التخريب والتكسير التي طالت مرافق وتجهيزات ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، في أول مباراة افتتاحية، بعد إخضاعه للإصلاح والتأهيل، استعدادا للعرس الكروي الإفريقي القادم، أعمال عنف وشغب جماهيري جديدة، كان محيط المعلمة الكروية البيضاوية مسرحا لها، على هامش مباراة كرة القدم، التي جمعت فريقي الوداد الرياضي والجيش الملكي، برسم البطولة الاحترافية التي دخلت دوراتها الأخيرة؛

وفي ظل هذا العبث الجماهيري، يبقى السؤال: ما قيمة بناء ملاعب لكرة القدم بالمواصفات العالمية، بحجم ملعب الحسن الثاني قيد البناء ببنسليمان (المنصورية)، ووزن ملعب مولاي عبد الله بالرباط، والملعب الكبير بطنجة؟ وما أهمية تنظيم تظاهرات كروية كبرى بحجم كأس إفريقيا للأمم، وثقل كأس العالم ؟ في ظل تواجد بعض الجماهير “مع وقف التنفيذ “، تتقاسم سلوكات التهور والعبث والانحطاط، كما تتقاسم ثقافة الهدم والتخريب، دون اعتبار لحجم الاموال التي تصرف في بناء وتأهيل البنيات الرياضية الكروية، ودون تقدير صورة وإشعاع المملكة، التي تستعد لتكون في صلب أكبر عرسي كروي في العالم، ولا تثمين ما وصلت إليه الكرة المغربية من ريادة وإشعاع قاري وعربي ودولي؛

ما نعاينه في الملاعب الأوربية وخاصة الإسبانية المجاورة، من مظاهر التحضر والرقي و النظام والانضباط والجمال، في أوساط الجماهير العاشقة لكرة القدم، يجعلنا  أكثر تخوفا  على مستقبل البنيات الكروية الجديدة قيد البناء والتأهيل والتطوير، والتي تحتاج إلى “جماهير مواطنة ” مثقفة مشبعة بالقيم الوطنية، تعكس بسلوكها المتحضر، ما تشهده المملكة من نهضة كروية غير مسبوقة، باتت اليوم، إحدى مرتكزات “القوة المغربية الناعمة الصاعدة “، لا إلى جماهير همجية ومنحرفة وعنيفة، تسيء إلى المنظر الكروي العام، وتنزع عن اللعبة، وشاح التشويق والسحر والمتعة  والجمال؛

شهر عسل الكرة المغربية، الذي نتمناه سنوات عسل، لا بد أن يوازيه رهان حقيقي على بناء “الإنسان المواطن” الذي يحترم الدولة والمؤسسات والقانون، وينضبط لقواعد وأخلاقيات الروح الرياضية، ويكون في مستوى الاستحقاقات الكروية القادمة، وفي مستوى الصروح الكروية الجديدة، التي ستكون بدون شك، موروثا رياضيا وطنيا، المحافظة عليه، ترتقي إلى درجة الواجب الوطني؛

بناء الإنسان المواطن،  يبقى في طليعة الأولويات، في ظل ما بتنـا نعيشه من إفلاس قيمي وأخلاقي، ومن شيوع لممارسات  “التشرميل” التي امتدت حتى إلى المغرب العميق، ومن انحطاط في قيم المواطنة، ومن تطبيع حقيقي مع  ثقافة التفاهة والسخافة والعدمية والتبخيس والتيئيس، وفي هذا الإطار، وبقدر ما نثمن الرهان على بناء العمران، بقدر ما نطالب ببناء الإنسان، عبر العناية بالمدرسة  الوطنية والنهوض بمستوى مناهجها وبرامجها وطرائقها،  وإعادة الاعتبار لنساء ورجال التعليم كشركاء حقيقيين في  بناء العقول وتهذيب السلوك وصقل المواهب والمهارات والقدرات،  مع دخول كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية وفي طليعتها “الأسرة” على خط التربية والتنشئة، استحضارا للمسؤولية الفردية والجماعية، في إرساء وترسيخ لبنات مجتمع  سليم ومتوازن،  تشع فيه قيم الاحترام والتقدير والمسؤولية والاعتبار والالتزام ونكران الذات، وبقيم من هذا القبيل،   يمكن أن نبني نهضة الوطن، ونبني معها، من ينصر الوطن ويتمسك بالثوابت الجامعة  …  

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة