سنة جديدة ولا جديد في الجديدة: استهتار المسؤولين يعيدنا إلى “المهدومة”
بقلم : د. عزيز قشاني
عرفت مدينة الجديدة سيرورة تعمير طبعتها العديد من الاختلالات على مستويات متعددة . وهذا الوضع أفرز لنا مدينة تفتقد لأبسط مقومات المدينة بمفهومها العام ، ولا تستطيع توفير إطار عيش كريم لساكنتها . وبما أن المدينة هي نتاج لمجموع القرارات السياسية التي اتخذها كل المسؤولين الذين تعاقبوا على تولي مسؤولية تدبير الشأن العام ، سواء تعلق الأمر بمورفلوجيتها العامة ، أم بنسيجها الحضري، فإن مسؤولية هؤلاء المسؤولين عن تردي أوضاع المدينة لا يمكن التهرب منها ، أو إنكارها.
أنتجت المجالس البلدية المتعاقبة على تدبير مدينة الجديدة منذ الاستقلال ، مدينة تعيش أوضاعا متردية على جميع المستويات. وهذه السمة أفقدتها صفة المدينة بمفهومها الحديث ، والذي يدمج معايير الجودة ، ثم مدى مساهمة الساكنة في إنتاج القرارات التدبيرية التي تساهم في ترقيتها في سلم التحضر والتمدين . وأصبح المتجول في شوارع مدينة الجديدة ، والمرتفق لإداراتها ومرافقها العامة ، يشعر بأنه في قرية كبيرة ومترامية الأطراف . ذلك أن هذه المدينة أضحت عاجزة عن توفير ظروف وشروط الحياة الكريمة المفروض توفرها في المدينة. وهذا الوضع المزري يضع المسؤولية على عاتق كل المسؤولين المحليين ، وخصوصا المجلس البلدي ، باعتباره السلطة الموكول إليها تدبير شؤون البلاد والعباد بعاصمة دكالة.
في هذا السياق ، نشير إلى تدهور البنى التحتية ، من طرقات ومرافق إدارية واجتماعية ، مما حول حياة الجديديين إلى صراع مستميت من أجل حفظ سلامتهم ، بمجرد الخروج من المنزل . فهذه المرافق في شموليتها ، لا ترقى إلى مستوى الدواوير الهامشية ، وهذا الأمر يهم جل الشوارع والأزقة المكونة للمدينة ، وينعكس سلبا على جودة الحياة بها.
أما المرافق العامة التي تعتبر مكملا ضروريا لبنية المدينة، فتكاد تنعدم . والقليل الموجود منها ، لا تتوفر فيه شروط الجودة والاستدامة؛ فملاعب القرب مثلا، تخضع للعشوائية في التسيير والإهمال المفضي إلى عدم القيام بدورها الريادي في احتواء الشباب، وتوجيه طاقاتهم نحو الإبداع لضمان مستقبل أفضل ، عوض الانزلاق في متاهات المخدرات والانحراف بشتى أنواعه.
ونفس الأمر ينطبق على الحدائق العامة وفضاءات لعب الأطفال؛ حيث تخلو جل التجمعات السكنية الكبرى من هذه المرافق ، مما يجعل أبناء الجديديين شبه مسجونين ؛ إذ تتمحور حياتهم حول المدرسة والمنزل. ويتساءل العديد من الآباء والأمهات عن سبب غياب المرافق الترفيهية والتثقيفية ، والتي تحتاجها الأسر للتخفيف من ضغوط الحياة في مدينة مكتظة وغير منظمة.
وبدورنا نتوجه بالسؤال إلى كل مسؤول ، حسب موقعه ووزنه في اتخاذ القرار ، ألا تعيشون في هذه المدينة مثل جميع الساكنة ؟ أهذا أفضل ما يمكن أن تقدموا للمدينة وفق المتاح من الإمكانيات والمتوفر من الموارد ؟ أليس في تسييركم عودة بمدينة الجديدة إلى الوراء عبر الزمن، وصولا إلى عهد المهدومة؟