شاطئ الجديدة : تراث عمراني يواجه الإهمال وتحديات الحفاظ على الجمالية

admin20 مارس 2025آخر تحديث :
شاطئ الجديدة : تراث عمراني يواجه الإهمال وتحديات الحفاظ على الجمالية

شاطئ الجديدة : تراث عمراني يواجه الإهمال وتحديات الحفاظ على الجمالية

بقلم : محمد أمين سملالي

مدينة الجديدة، التي كانت تعتبر “عروس الشواطئ” ووجهة مفضلة للمصطافين مغاربة واجانب لسنوات طويلة، كانت تتمتع بسمعة متميزة في المغرب بفضل شواطئها النظيفة وتراثها العمراني الفريد، مثل المسقاة البرتغالية المصنفة من قبل اليونسكو والتي هي الآن مغلقة في انتظار ترميمها.

لكن هذه الصورة اللامعة بدأت تتلاشى تدريجياً بسبب الإهمال المستمر الذي طال شواطئها و حدائقها ومرافقها العمومية جراء التدبير الكارثي للمجالس الجماعية المتعاقبة.

فالقرارات الإدارية العشوائية والمزاجية التي غيرت الملامح الجمالية للمدينة، مثل إغلاق المستودعات المتواجد بشاطئ الجديدة والمعروفة بـ”ليكابين Les Cabines ” بحائط إسمنتي والتي كانت تعد جزءا من الذاكرة العمرانية لمدينة الجديدة،
شوهت التناغم البصري الذي كان يميز الشاطئ، فهذا القرار الذي سبق أن اتخذته السلطات المحلية، لم يواكبه إحداث مرافق بديلة تلبي احتياجات المصطافين وتساهم في الحفاظ على جمالية المكان بالاضافة للاهمال والتفريط الممنهج الذي تتعرض له حديقة محمد الخامس التاريخية والتي تعد امتدادا طبيعيا لشاطئ الجديدة فهذه المعلمة التاريخية، التي كانت يوما ما محور الحياة الثقافية والاجتماعية بالمدينة، من خلال احتضانها لاحتفالات وطنية كبرى، ولمهرجانات خطابية لزعماء سياسيين وكذا منصة لإحياء المهرجانات الثقافية ذات البعد الوطني والدولي فقدت بهائها و مختلف مميزاتها البيئية و الجمالية .

وضعية الشاطئ والكورنيش :

شاطئ الجديدة، الذي كان في يوم من الأيام رمزا للجمال والاستجمام، يعاني اليوم من تدهور بنيته التحتية و غياب لبعض المرافق الخدماتية العامة، فالشاطئ اضحى في وضعية سيئة فالقمامة منتشرة على طول الشاطئ، وخاصة خلال فصل الصيف، و أجزاء من الكورنيش و مرافقه تحولت إلى فضاءات مهملة،و التغيرات العشوائية الغير المتناسقة عمرانيا التي شهدتها بعض البنايات المشيدة به افقدته كل الجمالية و الرونق اللذان كانا يميزانه.

تداعيات الإهمال على السياحة والهوية البصرية للجديدة :

الإهمال الحاصل في شاطئ الجديدة من لدن المجلس الجماعي له تأثيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة، فعديد من السياح يعبرون عن خيبة أملهم بسبب تدهور الخدمات التي كانت تجعل من المدينة وجهة سياحية مميزة.
كما أن أصحاب المهن المرتبطة بالسياحة يعانون بسبب تردي خدمات النظافة والصيانة، التي تراجعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة من جانب آخر، يهدد الإهمال الذي يطال المعالم التاريخية للمدينة هوية الجديدة الثقافية، فإذا استمر هذا التلاعب بالبنية العمرانية دون ضوابط، قد تفقد المدينة جزءا من قيمتها الثقافية العالمية.

نداءات للإصلاح ومبادرات أمل:

الوضع الراهن يتطلب إرادة قوية لإصلاح ما يمكن إصلاحه. فمن المتوقع أن تساهم استضافة المغرب لمونديال كرة القدم 2030 في دفع عجلة التنمية في مدينة الجديدة، باعتبارها واحدة من المدن المحيطة بملاعب المونديال و التي وجب ان تحضى بمشاريع إعادة التأهيل الحضري لتشمل تجديد الشاطئ وإنشاء مرافق ترفيهية وسياحية و اعادة تاهيل حديقة محمد الخامس و كل الشريط الساحلي لمدينة الجديدة ، وهو ما سيساهم في تحسين وضع المدينة اقتصاديا واجتماعيا مع الحفاظ على الجمالية والوظائف السياحية والتراثية.

فالشاطئ والحديقة ليسا مجرد مواقع بيئية أو عمرانية، بل هما اختبار حقيقي لإرادة الحفاظ على الهوية في مواجهة الإهمال.

فالمدينة ، التي استحقت لقب “عروس الشواطئ” بجدارة، بحاجة ماسة اليوم إلى إجراءات عاجلة لاستعادة بهائها وتحويل التحديات الحالية إلى فرص لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية مستدامة.

الجمال ليس ترفًا، بل ضرورة للحياة والذاكرة. 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة