عودة الأسد
بقلم : عزيز لعويسي
بعد غياب طويل ناهز العقد من الزمن، يعود الأسد إلى العرين العربي، وهي عودة تمكن من خلالها النظام الحاكم من ضرب أكثر من عصفور بحجرة واحدة، بدءا بكسب رهان التطبيع العربي ولو على مضض، مرورا بنيل شهاد الاعتراف والتزكية بعد سنوات عجاف من العزلة الإقليمية والدولية، وانتهاء، بالظفر بفرصة أخرى للحياة والزئير، عبر بوابـة عالم عربي كل فيه يغني على ليلاه، وقبل هذا وذاك، القطع مع أي أمل للمعارضة السورية في الداخل والخارج، في بلوغ مرمى السلطة، في أرض سورية، فقدت عذريتها كاملة، وباتت رهينة بين الأسود، إلى أجل غير مسمى؛
مهما حاولنا مباركة العودة السورية إلى الحضن العربي، ومهما حاولنا “نعل الشيطان” والإيمان بحتمية الجنوح نحو الوحدة ولم الشمل العربي، ومهما حاولنا الاستماع بتمعن إلى خطاب الرئيس، وهو يخطب في حضرة ملوك وأمراء ورؤساء العرب في قمة جدة، فبدون شك، لن يستطيع التاريخ ولن يستطيع معه أحرار سوريا نسيان ما فعل بهم أسد دمشق، ولن تستطيع سوريا الجريحة، أن تتقبل الحكم بالإفراج عن مغتصبها، الذي حولها قهرا إلى ما يشبه “الأم العازبة” التي باتت شوارعها مستباحة أمام المرضى والعابثين والفاسدين والطامعين والمتربصين، كما لن تتقبل أن يفرض عليها تتبع صور من حول جسدها الشامي الفتان، إلى خراب وأطلال تنتظر شاعرا يبكي أمام حضرتها؛
كرة الأسد لم تكن لتتدحرج في ملعب الجامعة العربية، لولا التطبيع السعودي الإيراني، وإذا كان من منتصر، فهي إيران التي كانت واحدة ممن وقعوا على مأساة الشعب السوري الشقيق، وواحدة ممن أنقدوا الأسد من حبل انهيار كان وشيكا، أما العرب، فلن يجنون من عودة الأسد، إلا سخط أحرار سوريا، وغضب الملايين من السوريين الذين فقدوا الأهل والأحبة والديار، وتحولوا إلى بؤساء ومتسولين في عدد من البلدان؛
وسواء عاد نظام دمشق أو لم يعد، سيبقى العالم العربي رهينة النفاق والتفرقة والتآمر والدسائس، وستبقى القمم العربية، علامة سيـر بارزة كتب عليها “اتفق العرب ألا يتفقوا”…، وفي جميع الحالات، فالعودة لن تكون إلا “وصمة عار” على جبين الجامعة العربية، ما لم يتم ضبط أوثار النظام، واستعجال الدفع في اتجاه منح أحرار سوريا فرص صناعة مستقبل سوريا جديدة تسع الجميع …، أما الأسد الخارج من عنق العزلة، فعودته ستبقى “موقوفة التنفيذ” إن لم نقل “حبرا على ورق”، ما لم ينل رضى الأنظمة العربية كاملة من الخليج إلى المحيط، وما لم ينجح في المصالحة مع الشعب السوري والاستماع إلى صوت “سوريا الحرة”، ويجنح إلى تداول حقيقي للسلطة، بعيدا عن لغة الفانتازيا والعنتريات وخطاب الاستعلاء والاستقواء …، ونختم المقال، بأن نتمنى لسوريا الجريحة ولشعبها الشقيق، مستقبلا مشرقا وبهيا، وأن يقيها الله شر التفرقة والتشرذم والفتن ما ظهر منها وما بطن …