فقدان مناضل تربوي وحقوقي عزيز من أيام السلطنة

admin5 مايو 2023آخر تحديث :
فقدان مناضل تربوي وحقوقي عزيز من أيام السلطنة

 

أصداء مازغان :  ذ . توفيق هاشمي

عرفتك الأستاذ علي تدرارين ونحن نمثل بعثة الفوج الثاني للأساتذة المعارين لدولة سلطنة عمان سنة 1989 ، كان للقاء نكهة خاصة بسكن العزاب ، لأول مرة نشرب الشاي بالحليب ونتناول البرياني والمشاكيك ، أيام الحر لا تفارقنا قنينات”ديو” المثلجة ، بعد نهاية الدوام كنا نجلس أمام ساحة غرف المدرسين نتبادل الحكي مع زملاء تونسيين ومصريين وسودانيين وباكستانيين ، نحتسي الشاي ونراقب الممرضات الفليبينيات وهن يتوجهن نحو المستشفى المركزي لمدينة نزوى العريقة .

مرت الأشهر فحضرت الأسر ، تجمع مغربي خالص عنوانه الود والمحبة، زوجات وأبناء وولائم ونزهات ، كل الأيام كانت أعيادا، وكنت أنت العزيز علي عليا بأخلاقك ونبلك وكرم ضيافتك، نتحلق حولك أمام ” برادات صلاح ” فيفيض الحديث عن أحوال البلد : عن اليمين وعن اليسار والانتخابات والتعليم والإلحاق والتقاعد..

اقترحت ذات يوم أن نشكل ممثلية عن الأساتذة الملحقين/المعارين لدول الخليج، بعد أخذ وعطاء وجمع ببلاد المهجر توافق الجميع وبدون تردد على أن يعينوك شيخنا ، فتحملت المسؤولية ، وكنت خير من أدى الرسالة والأمانة، …كم كانت تلك الأيام جميلة ونحن نلعب مباريات في كرة القدم بملعب “الصقرية” ، الأساتذة : مصطفى وحميد وعمر ومحمد وحسن ويوسف وسعيد وغيرهم ، بعد المغرب وخلال يومي الإجازة كنت أيها العزيز تحمل الكرات الحديدية لتستقبلك نعومة برودة أغصان شجرة وارفة بجوار مدرسة سلطان بن سيف ، كنت بيدك اليسرى دقيقا في تنفيد عمليات الرمي كما هو الشأن بالنسبة لقدمك الساحرة التي سجلت بها أروع الأهداف في دوريات الجاليات الرمضانية، أحبك العمانيون، الداني والقاصي منهم ، أحبك ذ الحبيب الكندي وذ عيسى السليماني وذ محمود الكندي ، أحبتك مدرسة “تنوف”ومدارس “هيما” ، أحبك فلج دارس والقلعة وسوق نزوى والهنديان علي و “واما” ، أحبتك آدم و بهلاء وإسكي ، أحبتك مسقط وصحار والسيب ، أحبتك الجبال والصحاري التي كنت تدرعها درعا ، كم كنت ودودا كريما وافر العطاء ، تستقبل الملحقين الجدد كل سنة لتقوم بعملية التوجيه والنصح ، بيتك كان محجا لكل المغاربة سواء من أهل رجال ونساء التعليم أو العاملين الذين كانوا مكلفين يومها بترميم الحصون والقلاع القديمة العمانية .

كنت محبا للحياة ، لا تفوتك أوقات أداء الصلوات ، وكنت مولعا أيضا بمذاعبة سيجارة “مارلبورو” ، قبل ثلاثة وعشرين عاما كان اللقاء أيها الصحراوي التدراني الأستاذ علي ، كان لسانك عربيا حسانيا لا ينطق إلا فصيحا جميلا أنيقا ، زرتك قبل أسابيع حينما أحطت علما بمرضك ببيت الكريم الفاضل ذ إدريس وحرمه لالا سعاد ، وأنت العليل تسأل عن المعافى ، تسأل عن الذرية والأولاد والأهل والأصدقاء ، كنت منهكا تعبا ولكنك تشع مرحا تهدي الجالسين الابتسامات،…. هاتفتك بعدها فأخبرتني بتحسن أحوالك لكنه المرض اللعين الغادر لا يرحم أخدك على حين غرة صباح هذا اليوم الجمعة الخامس من شهر مايو .

افتقدناك أيها المناضل التربوي الحقوقي الفذ ، ودعتنا وإننا لمحزونون على فراقك أيها الجميل النبيل، لله ما أخذ وماأعطى، مرضت في صمت وغبت عنا في صمت ، نم قرير العين أخي ،لقد أعطيت ووفيت ، ومثلت المغرب لأكثر من ثلاثين سنة خير تمثيل ، فكنت السفير المقيم ببلد عزيز شقيق ، كل الرفاق والأصدقاء هنا بالمغرب وهناك بالسلطنة ينحنون لك انحناءة إكبار وإجلال وتقدير وأنت بيد الرحمان ، ستبقى ذكراك مدوية خالدة ، لن ننساك فنحن الأموات وأنت الحي . صبر جميل لالا خديجة ،صبر جميل للشبلين أمين وأيمن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة