في ذكرى تأسيس المغرب العربي بقلم : عزيز لعويسي

admin19 فبراير 2023آخر تحديث :
في ذكرى تأسيس المغرب العربي بقلم : عزيز لعويسي

في ذكرى تأسيس المغرب العربي
بقلم : عزيز لعويسي

قبل 34 عاما، وتحديدا بتاريخ 17 فبراير 1989، تأسس اتحاد المغرب العربي بمدينة مراكش، من قبل خمس دول تشكل القسم الغربي من العالم العربي، ويتعلق الأمر بالمغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا، في مبادرة وحدوية غير مسبوقة، كان يعول عليها، لتأسيس فضاء مغاربي ، يحقق ما تتطلع إليه شعوب الدول الخمس، من أمن ووحدة واندماج ورخاء وازهـار.

اتحاد مغاربي، لم يكــن فقط، ضرورة اقتصادية مرتبطة بمـد جسور التعاون والاندماج، بل وإرادة سياسية وشعبية، في إرساء لبنات تكتل مغاربي إقليمي، من شأنه الدفع في اتجاه تحقيق الوحدة العربية المنشودة، والإسهام في تشكيل تكتل اقتصادي، تتدفق فيه الأموال والسلع والخدمات والمنافع، يقوي القدرة على التفاوض والتأثير، في سياق جيوسياسي دولي، لايؤمن إلا بلغة الوحدة والتكتل والتعاون والاندماج والمصالح المشتركة.

لكن وللأسف، ومنذ التأسيس، لم تتحرك عجلات قطار الاتحاد المغاربي، وظلت أهدافه ومقاصده مجرد حبر على ورق، إذ وبدل أن تجنح سفينة الدول الخمس نحو الوحدة والتعاون والاندماج، انحرفت نحو التباعد والتنافر والتضاد، مدفوعة برياح نظـام كابراني، أجهز مع سبق الإصـرار والترصد، على الحلم المغاربي، بعدما أبى بانعدام مسؤولية وسـوء تقدير وبقلة حياء، إلا أن يراهن على سياسة التشرذم والتفرقة وتشتيت الشمل المغاربي والعربي، وهو يحتضن عصابة مسلحة، تشفي غليل الحقد والكراهية والعداء للمغرب ووحدته الترابية.

المغرب لما قرر الانفتاح على عوالم أخرى وشركاء جدد، في العالم العربي وإفريقيا وأمريكا وإسرائيل وبريطانيا والصين وروسيا وتركيا…، كان مقتنعا تمــام الاقتناع، أن عجلة الاتحاد المغاربي لن تــدور أبدا بعد سنوات عجاف من التوقف القسري، في ظل نظام عدائي، كلما حسبناه “حشم” و”نعل الشيطان”، كلما ازداد وقاحة ومراهقة وعبثا، وكلما ازداد ارتباطا وثيقا بعقيدة العداء للمغرب ووحدته الترابية.

وفي المحصلة، نظام كابراني اختلطت عليه الأوراق وتفرقت به السبل، إلى حد أنه لم يعد يميـز بين “السياسة” و”الرياضة” ولا “لم الشمل” ولا “تشتيت الشمل” ولا “الحياء” ولا “قلة الحياء”، وبلدان مغاربية كل فيها يغني على ليــلاه، وشعوب تواقة للعيش المشترك والرخاء والازدهار، و”جمهورية وهمية” لاتوجد إلا في العقـول الصغيرة لمن يحتضنها بدون حرج أو حياء، ويمنحها الود والعطف والعناية والاهتمام، حتى تستمر في خدمة “العداء المروكي”.

نظام السوء ضحى بمصالح الشعب الجزائري، وأجهز على أحلام الشعوب المغاربية التواقة إلى فضاء للأمن والسلام والتعاون والعيش المشترك والرخاء والازهار، من أجل “جمهورية وهمية” تقوده نحو الإفـلاس، وتقود دول المنطقة إلى المزيد من التوتر والقلق والتشرذم والشتات، في وقت تتجه فيه الدول العاقلة والحكيمة إلى الوحدة والتكتل والتعاون وفق قاعدة “رابح رابح”.

إذا كان من خاسر في وهم أطروحة الانفصال، فهو الشعب الجزائري الذي استنزفت ثروته من أجل صعاليك تندوف، والدول المغاربية التي باتت بسبب نظام العداء الخالد، مصابة بالضعف والوهن، وإذا كان من رابح، فهي القوى الكبرى، ونخص بالذكر الاتحاد الأوربي، الذي وجد أمامه نظاما مراهقا، ينوب عنه، في نشر الفتن والقلاقل والدسائس، بما يسمح بالمزيد من التحكم والابتزاز والاستفزاز والضغط ، والمزيد من التسلط والغطرسة والنهب والسلب والحلب والاستقواء والاستعلاء.

كان بالإمكان وبعد مضي 34 سنة، أن نكون أمام اتحاد مغاربي قوي ومتلاحم ومتضامن، مؤثر في محيطه الإقليمي والدولي، لما تنفرد به دول المنطقة، من خيرات ومؤهلات طبيعية وبشرية، قادرة على تحقيق الرفاه والرخاء والازدهار، والتصدي لمناورات الاتحاد الأوربي الذي لازال يحن لممارسات استعمارية طواها النسيان، كما كان بالإمكان، أن تتيسر سبل الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج، لكن المنطقة المغاربية والعربية، ابتليت بنظام أرعن، مصاب بمرض عضال عنوانه العريض “المروك”.

ونختم بالقول، أن أوربا الغربية مرت بحربين عالميتين مدمرتين، وأزمة اقتصادية كبرى، واجتازت مطبات الكثير من الأزمات والخلافات الداخلية، ومـع ذلك، اختارت بواقعية وحكمة وتبصر، طريق التكتل والوحدة والاندماج، ونجحت في بناء واحد من أكبر التكتلات الجهوية في العالم، وأكثرها قوة وتأثيرا، ويتعلق الأمر بالاتحاد الأوربي الذي بلغ 27 دولة بالتمام والكمال، بعد الخروج البريطاني، أما الدول المغاربية، فسيسجل لها التاريخ، أنها فشلت فشـلا ذريعا، في بناء اتحاد مغاربي من خمس دول، يجمعها أكثر مما يفرقها، وذات التاريخ، سجل ويسجل اسم النظام المراهق، الذي لم يعطل فقط عجلات قطار الاتحاد المغاربي، بل وعطل آمال الشعوب المغاربية، وأجهز على أحلام العرب في لم الصف و بلوغ الوحدة وإدراك الاندماج والرخاء والازدهار…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة