” قناص” وهران الباهية
بقلم : عزيز لعويسي
حفل افتتاح الدورة 19 للألعاب المتوسطية بوهــران، أثار زوبعة من الجدل، لما شابه من ارتباكات بروتوكولية واختلالات تنظيمية، وثقتها عدسات الإعلام وعيون الوفود المشاركة وعموم الجمهور، وبدون شكل يبقى الحدث البارز على الإطلاق الذي طبع حفل الافتتاح، ارتبط بالقناص الذي رصدته عدسات الكاميرا متسلقا سقف الملعب كالعنكبوت، وهو ماسك بزمام سلاحه على أهبــة واستعداد للقنص عند الاقتضاء.
صورة القناص التي تم تداولها على نطاق واسع عبر العالم، أعطت الانطباع للمتتبع والمتأمل أن البلد وتحديدا النظام الكابراني، يعيش حالة من “عدم الاستقرار”، استدعت عسكرة الملعب والاستنجاد بالقناصة، لتأمين حفل افتتاحي يفترض أن يكون عرسا رياضيا، تسوق فيه الدولة ما تعيشه من أمن واستقرار ورخاء وازدهار، وتروج فيه ما تزخر به من إمكانات سياحية وثقافية وتراثية وتاريخية وهوياتية.
الإفراط في الأمن، معناه أن نظام جارة السوء ليس في قاموسه إلا مفردات “العسكرة” وما يرتبط بها من “قلق” و”شك” و”توجس” و”وعد” و”وعيد” و”كر” و”فر”، وحتى وهـو يجنح نحو “العسكرة”، أبان أن مسافات زمنية تفصله عن “المهنية” و”الحرفية”، بدليل أنه، استنجد بقناصة مكشوفين، تسلقوا في سطح الملعب بطرق بدائية مفضوحة، وهذا التوجس الأمني المبالغ فيه، لم يحضر حتى في تظاهرات رياضية عالمية بقيمة وحجم الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم وبطولة العالم لألعاب القوى.
وإذا كان القناص “العنكبوت” قد دخل تاريخ الألعاب المتوسطية من بابه الواسع، فبدون شك هناك قناصة آخرين لم ترصدهم عدسات الكاميرا توزعوا وانتشروا في أسقف ملعب الافتتاح، وهذه المشاهد ليست بغريبة على نظام وصف نفسه بالقوة الضاربة المعترف بها عربيا وإفريقيا وعالميا وربما بحرا وجوا وفي الأرض وتحت الأرض، وليست بمفاجئة بالنسبة لنظام فاقد للبوصلة، يقتات على عشب الحقد والعداء، ويحيى على حشائش دبلوماسية العبث والغباء.