لا يصح إلا الصحيح ( على هامش معرض الكتاب )
بقلم : حميد شعيبي
تردد كثيراً كي ينهيَ علاقته بذي الدفتين لكن لم يجد مسوغا ومبررا مقبولا لذلك؛فقد كان له نعم الصديق ونعم الونيس،كان جليسه أثناء سهده وهاجسا يخامره أثناء حلمه،وصدرا مفتوحا بسخاء،لا يُملُّ ولا يكل.
ظل الإحساس بذنب نفيه وتقبيره على الدوام يساوره،لكن قناعته أصبحت تربو شيئا شيئا بضرورة التخلص منه، فقد وسوس له الموسوسون أنه لم يعد عمليا ،وأنه يشغل مكانا رحبا ومفضوحا ،مشيرين عليه بصاحب جديد صغير دقيق وعمليّ،وذو حجم يسمح بمواراته عن الأنظار.
غدا حبل الوريد بينهما شيئا فشيئا يتهالك!
قرر أن يواريه صندوقا ويقفل عليه، لقد أخضعه للحجر الصحي ،واستعاض عن صحبته بصديق جديد لا يستغرق منه إلا وقتاً قصيراً ليفهمه ويتفاعل معه…
ورغم قطوف هذا الضيف الجديد الدانية و حسناته عليه
،بيد أنه لم يلفي في عشرته سوى الرتابة والسآمة، ولم يعد يجد في أنسه سوى ضيق أفق وقصور فكر.
ليشده الشوق والحنين من جديد لمن كانت كل كلمة منه تهيم به في بحور ،وكل فقرة فيه تسبح به في عوالم من الخيال عاصفةً بفكره عصفا…
فزع على عجل وأعتق ونيسه القديم ،ذو القرطاس، نافضا عنه غبار الغبن والنسيان،واصلاً الرحم معه مرة أخرى، بينما أخذ يدغدغ الصاحب الجديد،ذو الأزرار، فقط عندما يريد البحث عن اسم جليس آخر من الزمن الجميل …