أصداء مازغان : عبدالفتاح زغادي
تنتظر العامل محمد العطفاوي الذي حملته الحركة التي أجرتها وزارة الداخلية في صفوف الولاة والعمال، إلى إقليم الجديدة، عديد تحديات في ظل وجود ملفات ظلت تراوح مكانها منذ عدة سنوات إثر تلكؤ عمال سابقين في زحزحتها ونفض الغبار عنها.
عدم التعامل بالجدية اللازمة مع هذه الملفات الحارقة، من طرف عمال سابقين، جعل إقليم الجديدة يتخبط في مجموعة من المشاكل التي حالت دون انخراطه في ركب التنمية المنشودة.
المحطة الطرقية…مبادلة غريبة
كان مقررا أن تشيد المحطة الطرقية على مساحة شاسعة من شارع جبران خليل جبران حتى تكون بديلا لمحطة شارع محمد الخامس التي أضحت لا تفي بالمطلوب إذ صارت مكتظة ووسط تجمعات سكنية كبيرة إثر التوسع العمراني الذي شهدته المدينة.
وأدى “تواطؤ” مستثمرين عقاريين إلى إجراء مبادلة عقارية غير متكافئة بين المجلس الإداري للمحطة الطرقية وأحد المقاولين الذي حاز الأرض المخصصة لتشييد المحطة الطرقية والتي يصل سعر المتر الواحد فيها حوالي 10 آلاف درهم، مقابل بناء محطة طرقية فوق أرض يقل ثمنها عن ثمن الموقع موضوع المبادلة بمحاذاة محطة القطار.
ورغم مرور عدة سنوات على بناء هذه المحطة، إلا أن أبوابها ظلت بل ومازالت موصدة بالنظر إلى تعدد المشاكل التي رافقت تشييدها، والتي وصل صداها إلى تحقيقات أمنية وقضائية دون أن تظهر لها نتائج، ما يلزم عامل الإقليم بالتدخل لفك لغز ملف هذه المحطة الذي عمر لسنوات طوال.
وفيما مازالت تعاني مدينة الجديدة من مشكل المحطة الطرقية، فإن البقعة الأرضية التي كانت مخصصة لها بشارع جبران خليل جبران قد تحولت إلى تجزئة سكنية كبيرة وشيدت فوقها عشرات المنازل من فئة “R+2” ضخت في جيوب مقاولين محظوظين أرباحا خيالية، ما يطرح سؤالا عريضا حول الجهة التي استفادت من هذه المبادلة على حساب مصلحة مدينة بأكملها.
مقبرة الرحمة…أزمة الدفن
تفتقر مدينة الجديدة إلى مقبرة كبيرة تضع حدا لأزمة دفن الموتى التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى أي كلما أوشكت مقبرة “الرحمة” على الامتلاء.
ولطالما نظمت جمعيات حقوقية ومدنية عدة وقفات احتجاجية أمام بلدية الجديدة مطالبة بإحداث مقبرة تليق بعاصمة دكالة. مقبرة من الجيل الجديد على غرار مقابر كبريات المدن.
ويساهم تلكؤ المجلس الجماعي في اقتناء قطعة أرضية مترامية الأطراف بمحيط المدينة وتحويلها إلى مقبرة مسيجة وتضم بعض المرافق الضرورية من قبيل مستودع الأموات ومسجد للصلاة في ظهور أزمة الدفن من حين لآخر.
سوق الجملة…بناية مغلقة
صار سوق الجملة “الحمراء ” مجاورا للمستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة وهو مشهد لا يقبله العقل أو المنطق، بحكم أنهما مرفقين مختلفين من حيث طبيعة العمل بداخلهما، فالأول يشهد جلبة واسعة قوامها الحركة والضجيج، والثاني يتطلب الهدوء صونا لحقوق المرضى في الراحة والعلاج.
وأمام هذا الوضع اتفق المجلسين الجماعيين للجديدة ومولاي عبد الله على إحداث سوق جملة مشترك بتراب هذه الأخيرة.
تم تشييد هذا السوق بميزانية بلغت 7 ملايير سنتيم، غير أن أبوابه هو الآخر مازالت موصدة لأسباب مجهولة، وهو ملف آخر يتطلب تدخل العامل محمد العطفاوي لرفع حالة الاغلاق عن هذا السوق.
المجزرة البلدية…طاعنة في القدم
تقع المجزرة البلدية لمدينة الجديدة وسط حي شعبي، ويعود تاريخ إحداثها لعقود عديدة، أدواتها وتجهيزاتها تآكلت بعدما أخذت منها “الشيخوخة” مأخذها.
موقع وحالة المجزرة البلدية لعاصمة دكالة، يدفعان إلى طرح سؤال عريض حول مدى توفر شروط الذبح بها.
لقد أضحت مدينة الجديدة في حاجة إلى مجزرة بلدية عصرية تضمن حقوق الجزارين وجودة ظروف الذبح وسلامة اللحوم الحمراء الموجهة للاستهلاك بأسواق المدينة.
المخيم الدولي…معلمة سياحية منسية
منذ تنفيذ حكم الإفراغ على مكتري المخيم الدولي للسياحة، زهاء خمس سنوات خلت، تحول هذا المرفق السياحي الجماعي إلى ملاذ آمن للجانحين والمتشردين، دون أن يقوم المجلس الجماعي بأي خطوة ملموسة لإعادة الاعتبار لهذه المعلمة التي تساهم في جلب السياح، رغم مناقشة مشروع دفتر تحملات كرائه مجددا في إحدى الدورات السابقة للمجلس ذاته، وهو ما من شأنه أن يفند فرضية تفويته للوبيات العقار بحكم جودة موقعه ومساحته.
ويعتبر المخيم الدولي من المشاريع السياحية الرائدة محليا ووطنيا، فهو يقع بمحاذاة شاطئ الجديدة على مساحة تناهز 7 آلاف متر مربع، يضم 24 محلا للاصطياف ومقهى ومطعم ومسبح وملاعب رياضية ومحلات تجارية ومرافق سياحية، وكان السياح الأجانب يقصدونه لقضاء عطلهم إما بكراء محلاتهم أو العيش داخل سياراتهم القافلة “caravane”، غير أن إهماله جعل أيادي العبث والتخريب تعبث به كأبرز مرفق سياحي في ظل افتقار المدينة لعدد كبير من الفنادق الكبيرة والفاخرة بعد إغلاق فندقي “دكالة أبو الجدايل” و”مرحبا”.
المنتزه الكبير…قدم للملك ولم ير النور
من بين أكبر التحديات المطروحة أمام العامل محمد العطفاوي، هناك مشروع المنتزه الكبير الذي ظل يراوح مكانه منذ تقديمه لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة زيارته لمدينة الجديدة سنة 2012 كمشروع رائد، حيث يضم هذا المنتزه حسب “الماكيت” التي وضعت بين يدي الملك، مساحات خضراء وفضاءات للترفيه بمواصفات عصرية، مما يطرح أكثر من تساؤل حول مدى جدية المجلس الجماعي وعمالة إقليم الجديدة في التعامل مع المشاريع التي يتم تقديمها بين يدي جلالة الملك، باعتبارها مشاريع تخدم المصلحة العامة لرعاياه بعاصمة دكالة.
وخصص مكان المطرح البلدي الذي تم تحويله إلى تراب جماعة مولاي عبد الله والبالغ مساحته 65 هكتارا، لإحداث هذا المنتزه، غير أن عجز السلطات المعنية على إخراج هذا المشروع الذي تعلق عليه ساكنة مدينة الجديدة آمالا كبيرة للتخلص من الروائح المنبعثة من فوهات كبريات الوحدات الصناعية، وثلوث الهواء، والترفيه والتسلية…جعله فضاء لرمي الأتربة ومخلفات البناء واحتضان المتشردين والمتسكعين…
البنية التحتية…ترقيع تلو آخر
تعاني جل طرقات مدينة الجديدة خاصة بالأحياء والحواري الشعبية من تدهور واضح جراء انتشار الحفر التي تفضحها التساقطات المطرية على قلتها، غير أنه في الوقت الذي يجب على الجماعة الترابية تخصيص ميزانية لإصلاح هذا التدهور بشكل جذري، فإنها تكتفي بترقيع مقاطع من بعض الطرقات، ما يجعلها مرشحة للتآكل من جديد، مما يطرح عديد تساؤلات حول الدراسات و الصفقات الخاصة بترميم الطرقات العمومية والتي قد يلجأ المجلس الجماعي إلى قروض من صندوق التجهيز الجماعي لإبرامها، مما يفرض على سلطة الوصاية تتبع صفقات إصلاح وتهيئة الطرقات التي غالبا ما تتم تحت شعار “الترقيع تلو الترقيع”.
نافورات الماء…عطل أم تعطيل
تم إحداث نافورات مياه ببعض ملتقيات الطرق الرئيسية لإضفاء نوع من الرونق والجمالية على عاصمة دكالة، وهي الجمالية التي تزداد حدة خلال الفترة الليلية حيث تنبعث منها أضواء بألوان مختلفة.
هذه النافورات كلفت مبالغ مالية كبيرة في عهد العامل معاذ الجامعي، وظلت تشتغل بشكل منتظم، قبل أن تتوقف عن أداء دورها لأسباب مجهولة حتى علا الصدأ أجزاء مهمة منها، بل ولم تعد تنطلق مياهها وأضواؤها في شكل لوحات فنية إلا لماما بمناسبة معرض الفرس حيث تحظى المدينة بزيارة الملك أو ولي العهد.
النقل الحضري…معاناة دائمة
يعيش المواطن الجديدي معاناة دائمة مع حافلات النقل الحضري التي أضحى أسطولها متهالكا، حيث تنتابها الأعطاب في أي مكان ودونما سابق إنذار، ما يجعل ركابها في رحلة عن وسيلة نقل أخرى للوصول إلى الوجهة المقصودة، هذا دون الحديث عن عدم احترام المواعيد مما يجعل التلاميذ والطلبة والموظفين وعامة الزبناء في تأخر دائم عن قضاء أغراضهم.
ليس حافلات النقل الحضري لوحدها التي تتسبب في مشاكل للمواطنين، بل حتى سيارات الأجرة الصغيرة التي أصبح بعض سائقيها يفرضون تسعيرة مزاجية على الزبناء، كما لا يترددون في اختيار الوجهة التي يشقون الطريق نحوها، مما يدفعهم إلى رفض تلبية رغبات المواطنين، بل ويختارون الزبون الواحد لذر مداخيل أكبر، أما خلال فصل الصيف فيفضل سكان عاصمة دكالة المشي نحو وجهاتهم المقصودة عوض استعمال سيارات الأجرة التي ترتفع تسعيرتها حسب مزاجية بعض السائقين، مما يطرح تساؤلات عدة حول معايير منح رخص الثقة لهذا النوع من السائقين، وحول عدم اعتماد عمالة الاقليم للعداد تفاديا لهكذا مشاكل.
صفقة النظافة…إثارة الجدل
جدل واسع رافق تفويت صفقة النظافة، حيث تعالت صيحات الاحتجاج من لدن فعاليات المجتمع المدني وفريق المعارضة بالمجلس الجماعي، لاسيما عندما آلت لشركة عانت معها ساكنة المدينة لسنوات طوال إذ اعتادت على مشاهد تراكم أكوام الأزبال والنفايات الصلبة أينما حلت وارتحلت، مع ما يتسبب فيه ذلك من انتشار لجحافل الذباب والحشرات الضارة وكذا الأمراض المرتبطة بالجلد والجهاز التنفسي.
إن هذه الصفقة أثارت الكثير من المداد الإعلامي ما يلزم فتح تحقيق حول الأسباب الكامنة وراء التصويت لها ضدا على رغبات الساكنة التي منحت أصواتها للمصوتين عليها.
المبادرة الوطنية…تقرير أسود
كشف تقرير وصف ب “الأسود” للمفتشية العامة لوزارة الداخلية عن عديد اختلالات في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم الجديدة، مما أسفر عن إعفاء ثلاثة مسؤولين بعمالة الإقليم حيث من المقرر أن تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على خط هذه الاختلالات وهو ما جعل العديد من المسؤولين والمنتخبين ومسؤولي الجمعيات يتحسسون رؤوسهم، ما يفرض على العامل الجديد إعادة النظر في هيكلة الأقسام والمصالح وإسناد المسؤوليات سيما وأن بعض المسؤولين عمروا لسنوات في نفس مواقع المسؤولية دون أن تطالهم رياح التغيير.