مناجاة اعتذار
بقلم : حميد شعيبي
ما أصعب أن يتملك المرءَ غضبٌ شديدٌ !
* نصادف في الحياة وضعيات خانقة تصيبنا، في مقتل، باللمم والجنون ونصير من جرائها خارج السيطرة؛ يتلبسنا على حين غرة شيطان وسواس لبوسا أعمى لا يمت لشخصيتنا بصلة.
وفجأة يغلب شر لمام زؤام متشظي هنا وهناك خيرا متأصلا ومألوفا فينا، فتتفتق في دواخلنا جدوة حارقة خارقة تبزنا على تصرفات طارئة لا تعكس مطلقا ما نُكنّه .
فورة غضب جارفة لا تستثني أحدا!
* بركان طالما كان خامدا كاظما غيضا وحنقا رغم تضافر رجات تقض تكتونية أغوار نفسٍ على الشفير، يُقدر له في لحظة فارقة لفظ حمم حارقة أول ما تضرم فيه نارها ،بلا رأفة، قمما ناصعة شماء لجبال،حاضنة لسعار نار ملتهبة، يعلوها الأخضر الرطب المغمور في ندف ثلج أبيض.
تقسو بلا هوادة وتجرف بمدها الأحمر المتخم بالحمم كل الجمال والبهاء المترامي، ويغدو على وقعها الأخضر واليابس سيان تحت وطأة مقدرة لبركان غاضب.
يستمر وقع الغضب اللعين مخلفا كل الدمار والآلام مجبرا على نسيان كل ود وعرفان.
* وتجري أخيرا رياح تغيير من السماء بمشيئة لطيف رحيم لتحد من شيطان رجيم ،فتنهمر شآبيب رحمة بردا وسلاما مخمدة أتون نار ملتهبة.
تعود تلك النفس عادتها الأولى رقراقةً، كما طبيعتها، نادمة على لحظة خارجة، يعتليها الخير المشهود لها.
تشرق شمس يوم جديد ،لائحة راخية أشعتها الذهبية في أفق بحر أزرق هادئ، مدثر بسماء صافية.
* لا نرجو أن نقع في فخ الغضب، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
صدقا، لا مجال في القلب للخبث والخديعة والمؤامرة، فقط هي حالة مزاج معكر لا نرجو تفاقمها.
نعتذر عن وحش كاسر منتصب جثم دواخلنا من حيث لا نحتسب!
نعتذر عن عثرة وزلة لسان لا تمثل البثة ما يعتصر القلب من
ود مجبول، بالفطرة له لم نكتسب.
لطفا يا رباه! ارحم ضعفنا واستر عيبنا وقنا شر الغضب.