من حياة وسيرة الأولياء ” الحلقة 2 “
الشيخ سيدي محمد الأيوبي .” بأولاد أيوب ” بني عمير
بقلم : مطريب بوشعيب
( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه , فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا ) .
يا شيخ : أبشر لقد نلت ما ترجو وتنتظر وقد جرى بالذي تختاره القدر
وساعدتك من الأيام أربعة ” العز والنصر والتمكين والظفر ” .
لقد اشتهر المغاربة بقلة الإعتناء بالتاريخ , حتى ضاع الكثير منه , و لقلة اعتناء أهل المغرب بالتاريخ , ضاع أكثرهم . كم من فاضل قد ضاع من قلة الإعتناء به , “يعني التاريخ ” , و نذكر أن جماعة من العلماء و سموا المغاربة بالإهمال , و دفنهم فضلائهم في قبري تراب و إهمال , فكم من فاضل نبيه طوى ذكره عدم التنبيه . فأسرة ” الشيخ الحاج محمد بن الجيلالي بن قدور بأولاد أيوب بمنطقة بني عمير . ليست هي الأسرة الوحيدة التي طالها ورجالها الإهمال , بل هناك الكثير . كما قال سيدي عبد السلام القادري الحسني ” وكم من عالم و ولي شهير في المغرب , أهمل التعريف به المغاربة المتقدمون منهم ,و المتأخرون , حتى التحق عند المتأخرين بمن جهل حاله وزمانه “, سلوة الأنفاس : ص 🙁 3 ) . كل هذه الأسباب كانت الحافز وراء اختيارنا لهذا الولي الصالح ,خصوصا و أنها تعتمد كمنطلق رئيسي وثائق دفينة يكشف النقاب عنها لأول مرة .
أسرة ” الشيخ السيد محمد الأيوبي ” أسرة عريقة الحسب و النسب , مجسدة في شخصية فذة , كان لها في تاريخ المنطقة الأثر الفعال في الرجوع بالأمة إلى صراط الله المستقيم , و معرفة ربها الحكيم , على حقيقة الدين القويم ., الذي جاء به خير الأنبياء و المرسلين صلى الله عليه و سلم . هذه الشخصية تركت بصماتها على صفحات تاريخ منطقة بني عمير و بني شكدال و بني موسى بجهة تادلة . و منطقة احمادة موسى بنواحي تزنيت , و منطقة الزاوية الناصرية بزاكورة ,حيث عرف بكثرة التنقل لهذه المناطق للمساهمة في تقدم و ترقية عقلية القبائل في هذه المناطق . و أقلع بهم من الوثنية و الجاهلية و الإنحراف و الإضطراب , إلى عزة النفس , و قوة الذات , و وحدانية العبودية , و ربانية الشخصية ,لأن الإستعمار الذي كان جاثما على المغرب ككل . أبعد الإنسان عما من شأنه أن يكسبهم وعيا بشخصيتهم,لقد استغرب العميريون من هؤلاء القادمين من وراء البحر , بعيونهم الخضر و الزرق ,و البيرية و الشابو , بآلاتهم و سياراتهم و أسلحتهم , اختلطت حدود الأرض التي كان تجاوزها دونه الموت و الدم . و سموا الحدود , و نشروا لغات جديدة , التراكتور لافاش موتور فواتير ,و نزلوا على الأرض فلم يرحموها قلبا و خدشا ؛ كما لم يرحموا أهلها , و سلطوا”ديكوي ” و “برجي “و ” جانط” و.. و .. ( أيام الكيرة ). من وراء البحر , في ذلك البر , يملك الناس أشواقا دموية , ارتشفوا د ماء بعضهم البعض , و نقلوا إلينا الحرب و الجوع و الدموع .في بوادينا سحق الجوع البطون , و دمر العواطف .. اختلطت القبائل و العشائر و البطون , اختفت الأرزاق , و صادر النصراني الرجال و الأرض . و عصف الجوع و الموت و الجفاف و الهجرة بكل شيء .تكدس الموتى جوعا أو قتلا أو مرضا , و ذابت الأصول و الأعراف . وامتلأت الأذهان و المخيلات و الأجساد , بأخاديد الأحداث و تواريخها المخيفة , نبش الناس القبور , و انتزعوا الأكفان ليستروا العورات ,مضغوا الحلبة و حبات أيرني المرة و بيعت الأرض بحفنة شعير متعفن .
الشيخ سيدي محمد الأيوبي المزداد سنة 1883 م , وا لمتوفي سنة 1969 م , عايش فترة من عهد الدولة العلوية ,فترة الصراع الذي نشأ في غياب السلطة المركزية , وما ترتب عنها من مخاطر جسيمة ,لا سيما و أن هذا حدث في وقت الوثبة الإستعمارية , و غياب العقل المدبر , يؤدي إلى فوضى لا تطاق , غالبا ما تضع أوزارها على أشلاء الأبرياء من الأمة . و هذا ما حدث بالفعل خلال مدة حكم السلاطين العلويين , المولى الحسن الأول , و المولى عبد الحفيظ , و المولى عبد العزيز , حيث عرف المغرب فوضى , عمت فأعمت , و أصابت فأصمت ,قصمت ظهر المغرب, بل أغرقته في بحر لجي يغشاه موج الفتن من كل مكان . فانساقت وراء هذه النار التي أتت على الأخضر و اليابس , من كل طبقات الأمة , بعلمائها و عوامها , كل يريد لنفسه جدوة منها . ليصطلي بها , و ينعم بدفئها و لو على حساب ضعفاء المسلمين .و أدى هذا الجهل إلى طمس معالم الإسلام التي لم يبق منها إلا الرسم و الإسم . استطاع الشيخ السيد محمد الأيوبي ” رحمه الله ” , أن يزيح الظلام عن المنطقة , و أن يبدل حال الأمة من الأسوء إلى الأفضل مما كانت عليه , فصال و جال و بدل جهودا تلو جهود , حتى ارتحل عنها إلى جوار ربه . لقي الرجال ملاقاة مجلة , فتخرج بهم و تهذب و تربى ..و هو الشيخ الذي حفظ القرآن بالسمع ,على يد الفقيه الشيخ مولاي عمر , و الفقيه الشيخ
أحماد , و الفقيه الشيخ مرشدي . أكسبته الأيام معرفة بشتى العلوم , و ذلك أثناء رحلاته إلى مجالس الزاوية الناصرية بزاكورة ومجالس الشيخ احمادة موسى بتزنيت , هذه المجالس كانت بوثقة علمية في زمانها , يحج إليها الناس من كل فج عميق , ليشهدوا منافع لهم ,و ليتفهموا في الدين ,و لينذروا قومهم إذا رجعوا , لعلهم يحذرون .عرف كيف يدخل القلوب بالأخلاق الحسنة , و بالدين المتين ..أطلع على أهل البلد الذي خيم فيها الجهل ,و قل الدين , و مات العلم , بحالة دينية موشية ببعض العلم الضروري , و النصح العام و الخاص , و إقامة الصلوات , وتأسيس المساجد والقيام بصفوف الصلوات , و بالآذان لأن كل ذلك كان مفقودا في غالب قبائل تادلا .هبة إلهية إختص بها الله سبحانه و تعالى ” الشيخ السيد محمد الأيوبي ” هبة البركة التي لا يعطيها الله إلا للمتقين ,و هو سبحانه يختص بعض خلقه بما شاء من الخير و الفضل و البركة , كالرسل والأنبياء و بعض الصالحين , كما فضل الله الأماكن على بعض و بارك فيها , كمكة و المدينة و المسجد الأقصى . و فضل بعض الأزمنة على بعض و بارك فيها , كشهر رمضان و ليلة القدر وعشر ذي الحجة و يوم الجمعة . وهناك الأحبة الصالحون من البشر , الذين هم أولياء الله عز و جل , و هم أيضا بركة على أنفسهم , و على غيرهم ,” كالشيخ محمد الأيوبي” فهو من العاملين المخلصين ,وهومن صفوة المجتمع ,فهو مستقيم في جميع أحواله , مطيع لربه , أخلاقة حسنة , ونفسه طيبة ,” الشيخ محمد الأيوبي ” كان يدعو بين الناس إلى الخير, و يأمر بالمعروف , و ينهى عن المنكر , و يقوم بواجب النصيحة , و يعرف الناس بدينهم , و بأحكامه وشريعته و آدابه , فهو مع ورثة الأنبياء , سنستعرض صورا من بركات ” الشيخ محمد الأيوبي ” الحسية ,كان يغشى عليه ,فيسقط أرضا ( بالضرورة ) فينبع العسل من بين أصابعه , و بركته في إجابة الله تعالى لدعائه ,كدعائه على القبيلة ب”الله يعطيكم ي لوبة , بمعنى ” الوباء ” يوم عيد الأضحى , يوم لم يجد ما ينحره لأولاده , فظل طول اليوم ينتظرمن يدق بابه أملا في قطعة لحم يسد بها الرمق ,نسوه وانبعثت روائح الشواء و الدخان في أرجاء دوار أولاد أيوب , فما كان من الشيخ إلا أن دعا عليهم دعوته المشهورة ” الله يعطيكم شي لوبة بمعنى الوباء”, حتى مات في نفس اليوم خمسة أفراد , و في الغد مات نفس العدد ,يدفنون موتاهم في المقبرة فيتساقط آخرون أمواتا , فيد فنوهم و يعودون بملابسهم إلى أهلهم ..و بقي الحال على هذا المنوال , حتى مات الكثير, وأصبح الدوارشبه فارغ .و البركة التي حلت بالحجاج وهم على متن الباخرة إذ استغاثوا ببركته أن ينقذهم من الغرق ,فما كان من الشيخ إلا أن أنقذهم, فأصيب على إثرها بجرح غائرعلى فخده الأيمن , نتيجة إصابته بموس المحرك ,و لازمته آثار الجرح و آلامه حتى وافته المنية ,كما أسرإلى زوجته لئن أخبرت أحدا قصة إنقاذه لباخرة الحجاج , فستفقد بصرها , بعد أيام أفشت السر, فأصبحت ضريرة و بقيت عمياء حتى وافتها المنية . و كدعائه على ” جانط النصراني” الذي قلل من شأنه برفضه دعوته لتناول وجبة العشاء ,و فضل عليه ” ابن حمو” بالإبتعاد عن قبيلتهم ,و في نفس الليلة انزلقت رجل “زوريخ النصراني ” فسقط أرضا يتلوى ألما من الكسور التي أصابت رجليه ,فنقل على متن طائرة إلى فرنسا للعلاج و ابتعد نهائيا عن قبيلة أولاد أيوب . و ما يدرينا أن الله دفع عنا ألوانا من الشرور والنقم و العذاب , بسبب بركة الأولياء وصلاحهم و دعائهم , قال الله تعالى : ” وما كان ربك ليهلك القرى بظلم و أهلها صالحون “. و نحن إن لم نصل إليهم بعلمهم, و جهادهم ,و بلائهم ,فنسأله سبحانه و تعالى أن يحشرنا معهم . و خلاصة هذا البحث ,أظهرت أن الدعوة إلى الله و إصلاح الناس ,لن يخفت نورها إلى أن يرث الله الأرض و من عليها , فوعد الله لازال ساريا , و لن يخلف الله وعده , فقد قيد لهذه الأمة من يجدد لها دينها ,