أصداء مازغان : بلاغ
تخليدا لملحمة ثورة الملك والشعب في ذكراها السبعين، واستحضارا لمعاني الثورة الوطنية وإعلاء صروح الوطن وصيانة وحدته الترابية، وفي سياق سلسلة اللقاءات والأنشطة الفكرية والعلمية، نظمت جمعية الصحافة بالجديدة يوم الثلاثاء 22 غشت 2023، بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير بالجديدة ندوة فكرية حول موضوع ” 70 سنة من الجدية والالتزام والتنمية ” أطرها الدكتور مصطفى الكثيري ، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير .
افتحت الندوة التي اختير لها شعار ” ثورة الملك والشعب : مسارات تاريخية وتنموية” بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم ، وعزف النشيد الوطني، بعدها تمت قراءة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء الوحدة والاستقلال وفي طليعتهم جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح الراحل الحسن الثاني.
وفي كلمته بالمناسبة ، أكد رئيس جمعية الصحافة بالجديدة السيد بوشعيب بنقرايو ، أن المغاربة لم يقفوا عند الثورة في دلالتها الحضارية عند عتبة الذكرى ، بل جعلوها من الأجداد إلى الأحفاد صورة موصولة الروح والقيم والقيمة ، ولم يعتبروا ذكراها مجرد غرة من غرر الماضي الجميل الذي يتغنى به ، بل ترجمها فعلا حضاريا متميزا في كل ميادين الحياة ، واستشرافا مستقبليا ممتدا ومتنوع الأفاق .
وأوضح ، أن أكبر شاهد للتاريخ على هذه الحقيقة ما نلاحظه نحن جيل اليوم ، جيل أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ، من موصول لروح هذه الثورة الشاملة في بعديها الحضاري التي واصلها مع شعبه الوفي بكل مكوناته العرقية وأطيافه السياسية ، منذ اعتلى عرش أسلافه المنعمين من ثورة التشييد والبناء وتنوعها ، وثورة تحديث المؤسسات ودستورها ، وثورة تعميم قيم التنمية المستدامة وترسيخها ، والثورة على ثقافة الجمود والانغلاق ، والثورة على لوثة العنصرية وخطاب الكراهية وانحسارها .
واستهل الدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، مداخلته القيمة ، بأن الصحافة الوطنية منذ بداية الاستعمار لعبت أدوارا طلائعية في الدفاع عن وحدة الوطن ومقاومة الاستعمار من خلال التّوعوية السّياسية والرّد على المغالطات والأكاذيب التي ينشرها الاحتلال سواء الاسباني أو الفرنسي ، ومجابهة غيرها من الأطماع الدولية التي وضعت نصب أعينها المغرب باعتبار موقعه الاستراتيجي المطل على المحيط الأطلسي والممتد عبر مضيق جبل طارق بالبحر المتوسط، مع قربه من أوروبا الرّقعة الجغرافية التي شكلت على الدوام فضاء لصراع موازين القوى الدّولية ، مشيرا أن طريق الصحافة الوطنية لم يكن مفروشا بالورود ، إذ اشتغلت خلال ردح من الزمن ، لخدمة قيم الالتزام والجدية والوطنية ثم بعد ذلك الدفع بمسار التنمية ، و تحمل مسؤولية دعم مسارات التنمية بالوطن من خلال دعوة المجتمع ، إلى التحلي بالالتزام والجدية والتشبع بقيم الوطنية الحقة من أجل خدمة الوطن والعمل على تقدمه وازدهاره ونمائه بما يكفل العدالة الاجتماعية والمجالية .
وأضاف المندوب السامي لقدماء المقاوميين وأعضاء جيش التحرير ، أن من محاسن الصدف أن يتزامن هذا اللقاء الفكري -التكريمي، مع هذه الأيام التي انخرط فيها المغاربة جميعهم في أجواء الاحتفالات المخلدة للذكرى الرابعة والعشرين لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه الميامين ، وكذا الذكرى 70 لثورة الملك والشعب العظيمة ، وهي الثورة التي شكلت حدثا مفصليا في تاريخ المغرب المعاصر بما مثلته من تلاحم عضوي بين القمة والقاعدة لانتزاع الاستقلال أولا واستكمال الوحدة الترابية ثانيا وتحقيق تطلعات الشعب المغربي في النماء والرقي والعدالة المجالية والاجتماعية ثالثا .
وأوضح الدكتور مصطفى الكثيري ، أنه إذا كان استقرار المغرب وازدهاره وتقدمه وتعزيز مكانته الإقليمية مرتبطا بالنظام الملكي والدور التاريخي والحضاري الذي تلعبه المؤسسة الملكية في تدبير العلاقات بين كل مكونات وأطياف الشعب المغربي بالجدية اللازمة والأبوية الصادقة والالتزام التام بخدمة مصالح الوطن والشعب المغربي ، فإن الصحافة كسلطة رابعة تتحمل قسطا من المسؤولية في نشر الثقافة والتسامح والتضامن والتعاون واجتماع الكلمة ووحدة الصف ، والتمسك بقيم الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية، حتى يحافظ كل فرد من الشعب على هذه الأخلاق والقيم والمبادئ، ليبرهن على وعيه ونضجه ومعرفته بحقوق المواطنة وواجباتها، وليجعل الجدية شعاره في العمل مهما كان موقعه أو منصبه، مؤكدا انه بفضل الجدية واجه بلدنا التحديات الداخلية والمؤامرات الخارجية واستطاع الانتصار في معركة التحرير واستعادة الأرض المقدسة والذود عن التراب الوطني بالغالي والنفيس.
وكانت الندوة مناسبة لتكريم صفوة من قدماء المقاومين الذين ساهموا في مسيرة النضال الوطني الذي خاضه المغاربة عبر عقود وأجيال لصد الاعتداءات الاستعمارية وأعطوا المثال على قوة الترابط بين كل مكونات الشعب المغربي، واسترخاصهم لكل غال ونفيس دفاعا عن المقدسات والثوابت الوطنية ، حيث تم تقديم تذكار الاعتراف والامتنان للدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، كما سلمت دروع الوفاء لعائلة المقاومين المرحومين عبد الرحمان الخلقي ومحمد الياقولتي البعمراني، كما تم تكريم المقاوم الحاج أمبارك مكار والمقاوم أحمد بلحاج أطال الله في عمرهما.
وبالموازاة مع ذلك ، قدمت شهادات حية من طرف أعضاء جمعية الصحافة وبعض عائلات المقاومين أشاروا من خلالها إلى بعض الأعمال الفدائية التي قام بها المحتفى بهم على إثر نفي السلطان سيدي محمد بن يوسف وعائلته الشريفة خارج الوطن ، من جهته أكد المقاوم الوطني أحمد طالب بلحاج خلال شهادته الصادقة، أن ما ننعم به اليوم من حرية واستقلال كانت فاتورته دماء وأرواح الشهداء الأبرار في كل أنحاء بلادنا، مشيرا أن ثورة الملك والشعب مناسبة لاستلهام الدروس والعبر التي تشكل مفاتيح لكسب رهانات المغرب المعاصر وتحدياته التي تمس راهن البلاد ومستقبلها، وإن الاحتفاء بهذه الثورة المجيدة مناسبة لإعادة قراءة صفحاتها على ضوء جهود تحصين البلاد وتدعيم مكانتها داخليا وخارجيا ، من خلال المبادرات الجريئة والنوعية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصر الله.
وشهدت قاعة الندوات بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير بالجديدة ، حضور السيد عبد المجيد محب رئيس المجلس العلمي المحلي بالجديدة والسيد عبد الله هيتوت عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء، إلى جانب فعاليات المجتمع المدني باقليمي الجديدة وسيدي بنور، والمهتمين الذين يمثلون مختلف القطاعات، وبعض أسر المقاومين المحتفى بهم، وعدد من الباحثين في تاريخ المقاومة.
واختتمت الندوة الفكرية، بدعاء رئيس المجلس العلمي المحلي بالجديدة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بالحفظ والنصر والتمكين والصحة والعافية، ولولي عهده المحبوب مولاي الحسن، وصنوه المولى الرشيد، ولسائر أسرته العلوية الشريفة، والترحم على الشهداء الأبرار الذين استرخصوا كل غال ونفيس دفاعا عن المقدسات الوطنية، وفي طليعتهم الملكين المجاهدين المصلحين، محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما، وأكرم مثواهما.
وتغتنم جمعية الصحافة بالجديدة، مناسبة تخليد الذكرى 70 لملحمة ثورة الملك والشعب، لتجدد التأكيد على تجندها الدائم وتعبئتها المستمرة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة، مثمنة المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية.