” هدر الزمن المدرسي وتحديات إنجاح مشروع الريادة ” (نموذج إعداديات الريادة) بقلم : ذة ميلودة العكرودي

admin19 سبتمبر 2024آخر تحديث :
” هدر الزمن المدرسي وتحديات إنجاح مشروع الريادة ” (نموذج إعداديات الريادة) بقلم : ذة ميلودة العكرودي

“هدر الزمن المدرسي وتحديات إنجاح مشروع الريادة”
(نموذج إعداديات الريادة)
بقلم : ذة ميلودة العكرودي

ترتكز المناهج الدراسية بالدرجة الأولى على معيار الزمن أو الحصص لبناء الكفايات الأساسية المستهدفة، المراد تحقيقها خلال البرنامج الدراسي، وعند ما يتم هدر جزء من هذا العنصر المتعلق بالزمن فإن ذلك ينعكس سلبا على جودة التعلمات، حيث تفتقد معايير النجاعة والحكامة، الأمر الذي يقود بالتالي إلى عدة ظواهر سلبية منها: تدني المستوى الدراسي، تكرار المستوى الدراسي، الهدر المدرسي, التسرب والانقطاع من الدراسة، اللجوء إلى دعم الآباء لأبنائهم المتعلمين أو إلى دروس خصوصية.
ويرتبط مفهوم الزمن المدرسي بعنصرين هامين: الفضاء التربوي (المؤسسة التعليمية) والمحتوى المعرفي (الدروس – المعارف – الكفايات – الامتحانات) والعلاقة بين العناصر الثلاثة هي علاقة تناسبية تنبني على التأثير والتأثر إذ يؤثر هدر الزمن المدرسي على جودة الحياة المدرسية داخل فضائها مما يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي لدى المتعلمين ويسهم في إضعاف جودة التعلمات وعدم التمكن من الكفايات الأساسية المتوخى بناؤها لدى المتعلمين.
هذه الوضعية التي رصدت من طرف الباحثين في علوم التربية ما يربو عن العشر سنوات الأخيرة، تثير تخوفا كبيرا لدى مختلف الفاعلين التربويين وتجعلنا نتساءل: ماهي سبل إنجاح مشروع الريادة في ظل ظاهرة الهدر المدرسي التي تتنافى وقيم المسؤولية والواجب؟ لذا نقترح في هذا المقال بعض المداخل الكفيلة بوضع برنامج عمل محكم وثوابت تنظيمية تساهم في إنجاح تجربة مشروع الريادة.
1- الالتزام بتنفيذ مقرر السنة الدراسية والمذكرة الوزارية رقم 205x 24 بتاريخ 22 يوليوز 2024 في شأن الانطلاقة الفعلية للدراسة برسم الموسم الدراسي 2024 2025/ ومستجدات السنة الدراسية، وهو ما سيمكن من تنفيذ محطات تنزيل مشروع الريادة خلال السنة الدراسية، وذلك من خلال بلورة خطط عمل جماعية داخل مجالس الأقسام التعليمية وخطط عمل فردية تتناسب وطبيعة المادة المدرسة. وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة التركيز على تحصين غلاف الزمن المدرسي في المواد التي تستهدف تحسين جودة التعلمات في المواد الأساسية: العربية والفرنسية والرياضيات

2-العمل على إجراء الروائز وحصص التقويم والمعالجة في الفترات الزمنية المحددة
لها (أربعة أسابيع لمستوى الثالثة إعدادي والثانية إعدادي ) و (ثمانية أسابيع لمستوى الأولى
إعدادي)، حتى يتسنى للطاقم التربوي البدء من نقطة انطلاق موحدة وتقديم المحتويات المعرفية في المواد المختلفة، وهو ما سيمكن من إجراء روائز التقييم في الفترات الزمنية المخصصة لها وتبعا لذلك رصد حالات التعثر وعدد التلاميذ المهددين بالهدر المدرسي وبالتالي تفيئيهم حسب مستويات الخطورة (حرج- مرتفع – متوسط)
3-التصدي لظاهرة تغيب التلاميذ عن الحصص الدراسية والتي تتداخل فيها عدة عوامل ذاتية وموضوعية أبرزها:
– الإصابة بأمراض واعتلالات صحية.
– ضعف المقدرة على إنجاز الواجبات المدرسية.
– نقص في القدرات الذهنية التي تعيق التحصيل العلمي الصحيح.
– أسلوب التعليم الأحادي الجانب السلبي الذي يعتمد الالقاء.
– ضعف الاهتمام بالأنشطة المدرسية.
– بعد فضاء المؤسسة التعليمية عن مقر سكن بعض التلاميذ.
– مرحلة المراهقة وما يتخللها من رغبة في إثبات الذات وأخذ المبادرة وغيرها من الأسباب التي سيكون من الأجدر البحث عن حلول لها ومحاولة ضبط حصص تغيب التلاميذ في المواد الأساسية خاصة (العربية – الفرنسية – الرياضية)، ومدى تأثير ذلك على نتائج التلاميذ خلال
مسار السنة الدراسية، ومنه تحديد قوائم تتبع للتلاميذ المعرضين لخطر الهدر المدرسي تبتدئ بقائمة أولية خلال شهر شتنبر ثم قائمة ثانية في شهر أكتوبر وثالتة في منتصف نونبر ورابعة في بداية شهر دجنبر مع تسجيل ملاحظات منحنيات التغيير بالنسبة لكل تلميذ والفئة المستهدفة في إطار عمل خلية اليقظة ومن خلال آلية اليقظة ونظام الرصد الآلي المتوفر بمنظومة مسار.
4- توفير عدة احتياطية من الموارد البشرية يتم الالتجاء إليها أثناء الطوارئ التي قد تكسر نظام توزيع البنية التربوية المتعلقة بالعنصر البشري (حالات مرضية مفاجئة – رخص طبية طويلة أو متوسطة الأمد – وفيات ….) لذلك لا ينبغي الاهتمام فقط بتكوين الأساتذة في مشروع الريادة ومقاربة التعليم الصريح بالنسبة للمؤسسات التعليمية التي وقع عليها الاختيار في مرحلة التجريب أو التوسيع لهذه المقاربة وإنما وجب توسيع رقعة التكوينات الجغرافية والعددية، وذلك باستدعاء أساتذة آخرين من مختلف التخصصات، وهو ما سيحقق مبدأ الثبات في البنية التربوية stabilité de la structure éducative، الذي يخلق وضعا تربويا آمنا محافظا على زمن التعليمات ومساهما في تحقيق خطة توزيع الحصيص الزمني لإرساء الموارد

المعرفية في المدة الزمنية المخصصة لذلك وتبعا لهذا روائز التقييم التي تستند إليها لبرمجة خطة للدعم داخل المؤسسات التعليمية تراعي طبيعة المادة وخصوصية كل مؤسسة على حدة، كما سيوفر “عدة بشرية احتياطية ” تسد الخصاص المحتمل وقوعه نتيجة الظروف الطارئة أثناء تنفيذ المقاربة خلال الموسم الدراسي ومنه ستكون العدة الديداكتيكية للأستاذ البديل أداة تمكنة من النيابة عن الأساتذة المحتمل تغيبهم أو المتغيبين بشكل اضطراري خلال فترات تنزيل خطة برنامج مشروع الريادة في مختلف مراحله.
5- الثبات في البنية التربوية للمؤسسة: عن طريق تحديد عدد ساعات العمل وضبط توزيع الأقسام حسب المستويات التعليمية وتجنب إحداث تغييرات في استعمالات الزمن، وكذا تسجيل التلاميذ داخل الفصول الدراسية في حدود ما تسمح به البيداغوجيا التربوية المزمع تنشيط الفصول الدراسية اعتمادا عليها وتجنب الأقسام المكتظة.
6- ضرورة تفعيل دور خلية اليقظة داخل المؤسسة التعليمية عن طريق جرد حالات الغياب المرتفعة لدى الفئات المستهدفة والتي تعاني خطرا متوسط أو مرتفعا أو حرجا مع تتبع تلك الحالات والعمل على تصنيفها حسب طبيعة الدعم الذي تحتاجه:
دعم اجتماعي: دراسة بعض وضعيات التلاميذ الاجتماعية التي تحتاج إلى تدخل بعض الأطراف والشركاء
دعم نفسي: عن طريق تتبع بعض الحالات التي تستدعي معالجات سلوكية (العنف – الشغب – فرط الحركة – ضعف الأداء – انعدام الرغبة – طغيان الطاقة السلبية – انعدام التفاؤل في استشراف آفات المستقبل – الفوبيا المدرسية )و يتم التعامل مع هذه الحالات بتوجيهها داخل حصص تحسيسية تقوم بها بعض جمعيات المجتمع المدني المكلفة بدعم برامج الطفولة والشباب أو عن طريق دعوة بعض مدربي أو مستشاري التنمية الذاتية لتقديم عروض يستفيد منها التلاميذ داخل مؤسسات الريادة وكذا عقد شراكات مع بعض أطباء علم النفس من أجل تحليل وتتبع بعض السلوكات الشاذة وتصويبها و معالجة عوامل الانحراف التي تؤثر فيها سلبا.
7- ربط المسؤولية بالمحاسبة فيما يخص تغيبات الأساتذة عن طريق تتبع وتقييم عمل الأستاذ، ذلك أن غياب المدرسين غالبا ما يتسبب في:

– تعطيل الدراسة في الفصول والمستويات الدراسية التي يدرسها وما يترتب عن ذلك من تأخير في إتمام وحدا ت ومكونات المقرر الدراسي.
– تأخير في إتمام الوحدات الدراسية يؤدي إلى عدم إدراك التلاميذ لها إذا حاول المدرس أن يلاحق ما فاته وهنا يلجأ إلى سياسة ضم حصتين أو أكثر في حصة واحدة وهو ما يعيق الفهم والاستيعاب السليم ويؤدي إلى صعوبة ضبط وتمثل الدروس كما ينبغي له أن يكون.
– إهمال التلاميذ حضور الحصص والتأخر عنها ، محاكاة لمدرسهم أي تقليد القدوة professeur/l’idole
– إهمال التلاميذ لمراجعة دروسهم وحل واجباتهم اللازمة حيث أنهم يفتقدون من يراقبهم ويتتبع مراحل تطور مستوياتهم المعرفية.
لذلك وأمام هذه الوضعية وما تخلقه من معيقات لإنجاح المقاربة ،والظفر بنتائج إيجابية وجب التركيز على جميع الجوانب المذكورة والحد من سلبياتها حتى نصل إلى مستوى الأهداف المنشودة، وختاما نذكر بقولة ” هيراقليطس” الشهيرة: “لا يستحم في النهر مرتين ” التي أعلن من خلالها عجز الإنسان أمام قوة وسطوة الزمن، هذا المسار الفيزيائي الدائم الحركة باستمرار وجب ضبط آليات اشتغاله وحركته حين يتعلق الأمر بزمن التدريس، يقول الدكتور عبد الكريم غريب: “هدر زمن التدريس باختلاف أشكاله وأنماطه أضحى داخل المدرسة المغربية يشكل إحدى العوائق الرئيسية لتحقيق النجاعة كما يشكل في الوقت نفسه قيمة سلبية تتنافي وقيم الحكامة الجيدة التي تتأسس في روحها على الحقوق والواجبات والمساءلة” *

*عالم التربية، مجلة محكمة تعنى بقضايا التربية والتعليم دراسة بعنوان ” ايةحكامة في ظل هدر زمن التدريس بالتعليم الابتدائي والثانوي الاعدادي والتأهيلي بالمدرسة المغربية – دراسة استطلاعية، الاستاذ عبد الكريم غريب، ص 517

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة